هناك أكثر من سبب للاعتقاد بأن الأيام الراهنة ترسم أولى إشارات بداية نهاية عهد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو المستمر منذ أكثر من عقد، وهو ما ركزنا عليه في هذا العدد من "المشهد الإسرائيلي"، بواسطة تسليط الضوء بشكل أساس على التداعيات الاقتصادية- الاجتماعية المترتبة على أزمة فيروس كورونا والتي بلغت آماداً حادّة.
لعل أبرز هذه الأسباب هو انطلاق حملة احتجاج مُرشّحة لأن تتصاعد ضد هذه التداعيات؛ حتى إن كانت تعيد إلى الأذهان إلى حدّ كبير حملة الاحتجاج الاجتماعية التي شهدتها إسرائيل العام 2011 وفشلت في تحقيق مبتغاها، فهي أشدّ قسوة وعمقاً كونها متأتية عن حراك "جمهور يختنق ولم يعد قادراً على التنفس"، كما وصفتها صحيفة "هآرتس"، مؤكدة أنه من غير الممكن إسكاتها ولا حتى بواسطة الشرطة وعنفها.
تأخر صدور قائمة الأثرياء الـ 500 الكبار في إسرائيل هذا العام شهرا، إذ إن القائمة تصدرها المجلة الشهرية لصحيفة "ذي ماركر" الاقتصادية اليومية، التابعة لصحيفة "هآرتس"، في عددها الصادر في شهر حزيران من كل عام، وذلك بدءا من العام 2003. وكما يبدو فإن انتشار وباء الكورونا كان وراء هذا التأخير.
أدى اندلاع الموجة الثانية من انتشار فيروس الكورونا في إسرائيل، في وقت مبكر، خلافا للتوقعات بأن تكون في شهر أيلول المقبل، والإحصائيات الظاهرة، وهي ضعفا الموجة الأولى على الأقل، إلى حالة إرباك شديد لدى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي يواجه طلبات متناقضة، بين الدفع نحو إغلاق شامل، أو جزئي، أو ترك السوق مفتوحة، والتعايش مع الكورونا. ولكن هذه الحالة أدت إلى حالة إرباك أشد في الشارع، انعكست بمظاهرات صدامية حادة كما شهدنا هذا في تل أبيب والقدس الغربية.
تشكل الآثار الاقتصادية التي ترتبت على أزمة الكورونا، الفيروس والوباء حتى الآن، والتي سوف تترتب لاحقاً، الهاجس الأول والمركزي لدى المجتمع البشري بصورة عامة، سواء على صعيد الاقتصادات الدولتية والأحوال التشغيلية فيها أو على صعيد الاقتصادات المنزلية وأحوال أفرادها المعيشية. وهي آثار يُجمع خبراء الاقتصاد والسياسيون، على حد سواء، على أنها ستكون موجعة على المدى القصير بينما ستحمل أبعاداً تدميرية على المدى البعيد، وخصوصاً بالنسبة إلى عدد من الفئات الاجتماعية المحددة.
الصفحة 298 من 885