من غير الواضح بعد أي حكومة إسرائيلية يمكن أن تُقام في ضوء النتائج النهائية لانتخابات الكنيست الـ24 التي جرت يوم 23 آذار الحالي، وكانت الرابعة خلال أقل من عامين. كما لم يتضح بعد فيما إذا جولة الانتخابات الرابعة هذه هي الأخيرة، أم أنها ستكون كسابقاتها وتؤدي إلى جولة انتخابات خامسة على خلفية الأسباب ذاتها. ولعلّ ما يبدو واضحاً حتى الآن هو أنه ليست هناك أغلبية لحكومة يؤلفها معسكر الأحزاب المؤيد لاستمرار حكم بنيامين نتنياهو والذي يضم الليكود وأحزاب اليهود الحريديم المتشددين دينياً و"الصهيونية الدينية"، وفي الوقت نفسه ليست هناك أغلبية لحكومة يؤلفها معسكر الأحزاب المناهض لاستمرار حكمه.
كما يبدو واضحاً أن هناك حزبين فقط لم ينتميا إلى أي معسكر طوال الحملة الانتخابية، وهما "يمينا" برئاسة عضو الكنيست نفتالي بينيت، والقائمة العربية الموحدة برئاسة عضو الكنيست منصور عباس. بناء على ذلك فإن أياً منهما لن ينكث وعوده إذا ما قرر السير مع نتنياهو أو الانضمام إلى خصومه.
تحوّلت مدينة حيفا منذُ ثلاثينيّات القرن الماضي – في فترة الانتداب البريطانيّ - إلى مركزٍ صناعيّ وصارت صاحبة الميناء الأضخم في فلسطين. تخلّل ذلك تطوير شبكة الطرق والقطارات في المنطقة ومصانع أخرى في مجالات النفط، الأمر الذي ساهم بشكلٍ مباشر في ازدياد انبعاثات العديد من الملوّثات في الهواء.
نستعرض في هذا الحوار مع الباحثة سميّة فلاح الإشكاليّات المتعلقة بتلوّث منطقة خليج حيفا ومآلاتها، والمتراكمة منذُ بدايات القرن الماضي، وسنحاول أن نعطي تمهيداً لفهمِ تلوّث الهواء في منطقةِ حيفا خاصّة وفلسطين عموماً، وما هي العوامل المختلفة التي تؤثر على تركيزات ملوثات الهواء في خليج حيفا؛ مع العلم أن مستويات تلوّث الهواء المُقاسة في منطقة خليج حيفا اليوم منخفضة نسبياً مقارنة بالتركيزات التي تم قياسها في مناطق أخرى من البلاد، وكانت كذلك على الأقل خلال العقد الماضي، خصوصاً مع صدور العديد من التقارير الصحافيّة والأبحاث التي تشدّد على تلّوث خليج حيفا بمستوياتٍ عالية. سنحاول من خلال الحوار استيعاب التحوّلات الجارية وأثرها على صحّة السكّان في حيفا، وأيضاً إلقاء الضوء على مسؤولية المستوى السياسيّ والمهنيّ فيما يتعلق بالحدّ من الظاهرة أو عدمِ الاكتراث.
لم تفشل جولة الانتخابات الإسرائيلية التي تكررت للمرة الرابعة خلال نحو عامين، في إحداث التغيير المطلوب، وكسر الدائرة المفرغة وأزمة الحكم التي تعيشها المنظومة السياسية في إسرائيل، وتمنعها من تشكيل حكومة مستقرة فقط، بل إنها قضت أيضاً على ما سمي بـ"الأمل الجديد" الذي خرج من صفوف الليكود، وبشّر بإنهاء عهد نتنياهو.
حصل جدعون ساعر السياسي اليميني الذي انشق عن الليكود، وأسس حزبا أطلق عليه اسم "أمل جديد"، من أجل تحقيق هدف واحد، بات يشكل قاسما مشتركا لمعسكر عابر للأيديولوجيات وبديلا عن البرامج السياسية، ألا وهو إسقاط نتنياهو، في هذه الجولة على ستة مقاعد فقط، وهو ما جعله خيبة الأمل الأكثر مرارة لكل من طمح بإخراج نتنياهو من مكتب رئاسة الوزراء.
بين محطة انتخابية وأخرى، تصعد أسهم الأحزاب أو تهبط، تتباين النتائج عن الاستطلاعات والتوقعات أو تتفق معها، وتنشأ أحزاب وحركات جديدة وتندثر أخرى. ولكن في انتخابات الكنيست الرابع والعشرين التي جرت يوم الثلاثاء الماضي، ثمة حقيقة عارية لا يتكرر وقوعها كثيرا في حياة الأحزاب والأمم، ولا حتى في إسرائيل التي تجنح أكثر فأكثر ومع كل دورة انتخابية نحو اليمين والتطرف، فقد نجحت الكهانية المتجددة ممثلة بحزب "قوة يهودية" ("عوتسما يهوديت") برئاسة إيتمار بن غفير في الانتقال من الشارع ومن ميادين المواجهات الصاخبة والعنيفة مع الفلسطينيين أو مع الشرطة، إلى الكنيست من خلال حصول حزب "الصهيونية الدينية"، بمركباته الثلاثة وهي الاتحاد الوطني وحركتي "نوعم" و"قوة يهودية"، على ستة مقاعد.
الصفحة 284 من 925