المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

يستقي الإسرائيليون معلوماتهم حول العالم العربي عموما والفلسطينيين خصوصا من وسائل الإعلام بأشكالها المتنوعة، وأيضا من كتب يؤلفها باحثون متخصصون وصحافيون. وتتعامل وسائل الإعلام الإسرائيلية وكذلك المخصصون بعدائية ونظرة استشراقية استعلائية تجاه العالم العربي، ولا يخفون أن هذا التعامل يأتي بالأساس من المنظار الأمني. ولا تزال هذه الرؤية مهيمنة على التوجه الإسرائيلي في النواحي السياسية والإعلامية والأكاديمية.

رغم ذلك، هناك استثناءات، أبرزها هم "المؤرخون الجدد" الإسرائيليون، الذين ظهروا في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، وأصدروا أبحاثا، في مجال الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني خصوصا، تميزت بأنها أبحاث نقدية تجاه المؤسسة الإسرائيلية والحركة الصهيونية، بالاستناد إلى الأرشيفات الإسرائيلية. لكن المؤسسة الإسرائيلية، السياسية والأكاديمية والإعلامية، حاربت "المؤرخين الجدد" وسعت إلى إقصائهم من الحيز العام.

وفي الآونة الأخيرة، أسس باحثون في شؤون الشرق الأوسط في الأكاديميا الإسرائيلية "منتدى التفكير الإقليمي"، بهدف توفير صوت بديل للتحليلات السائدة في الشؤون العربية في الإعلام الإسرائيلي. ويعبر أعضاء "منتدى التفكير الإقليمي" عن رؤيتهم وأبحاثهم حول العالم العربي من خلال مقالات، ينشرونها في موقعهم الالكتروني، وأيضا من خلال محاضرات في مؤتمرات علمية ومجموعات تهتم بشؤون الشرق الأوسط. ولا يخفي أعضاء المنتدى ميولهم السياسية في اليسار الصهيوني.

أحد مؤسسي المنتدى، ومديره العام، هو المحاضر في قسم العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس، الدكتور أساف دافيد. وروى دافيد، لصحيفة "هآرتس"، كيفية تبلور الفكرة التي أوصلته إلى المشاركة في تأسيس المنتدى وحمل أفكار يسارية، بمعنى أنه يؤيد قيام دولة فلسطينية، رغم أن سيرته الذاتية ينبغي أن تضعه في معسكر اليمين. إذ أنه وُلد في مستوطنة "كريات أربع" في الخليل، قبل 41 عاما، ودرس في الييشيفاة، أي المعهد الديني اليهودي، في مستوطنة "أفرات"، وخدم في شعبة الاستخبارات العسكرية، وتحديدا في مجال التصنت، في "الوحدة 8200"، وفقد إحدى عينيه في عملية انتحارية في حافلة، في القدس في العام 1995.

وقال دافيد حول إصابته في العملية الانتحارية، إنه "في الجانب الشخصي، جعلتني أدرك ما هي الأمور الهامة في الحياة، وأنه من الأفضل أن أقوم بما أؤمن به وليس بما تمليه عليّ المؤسسة. كذلك فإن هذا الحادث غيّرني بحيث أني أصبحت قادرا على تخيل المعاناة في الجانب الآخر".
ويعتبر تأسيس "منتدى التفكير الإقليمي" أنه تمرد على مؤسسة الاستشراق الإسرائيلية، التي جمّدت البحث الأكاديمي في الجانب التاريخي واعتبرت أن التعاطي مع قضايا راهنة هو أمر وضيع. والأمر الثاني، والأهم، هو أن المنتدى يضع سوية التعاطف والتفكير المدني ويدعو إلى صرف النظر عن النخب ومؤسسات الحكم وتحويله إلى السكان البسطاء في الحيز الشرق أوسطي.

وأوضح دافيد أنه "عندما أكتب عن الانقلاب العسكري في مصر فإنه لا يهمني، كمتخصص محترف، ما إذا كان الانقلاب جيدا لإسرائيل. فنحن ننظر إلى الأمر من وجهة نظر السياسة المصرية والمواطنين الذين عانوا من قمع نظام حسني مبارك وبعد ذلك نظام محمد مرسي وبعد نظام عبد الفتاح السيسي".

وأعطى دافيد مثالا آخر عن التعاطي مع قضايا الشرق الأوسط والنظرة إليها في إسرائيل، بعد أن ألقى محاضرة أمام ناد للمتقاعدين حول العلاقات الإسرائيلية – الأردنية. وقال "لقد تحدثت عن الانجراف نحو اليمين في إسرائيل، مثلما يتم التعبير عنه بالادعاء أن الأردن هو وطن الفلسطينيين. وقلت إنه إذا كان حزب الليكود في الماضي يطرح توجها رسميا نحو الأردن، فإن أفكار اليمين الراديكالي تغلغلت اليوم في الأجواء السائدة في هذا الحزب. ولا يمكن البحث في العلاقات الإسرائيلية – الأردنية من دون الحديث عن التيارات العميقة في إسرائيل بهذا الخصوص. وما أعتبره أنه تعامل مهني مع الموضوع، فسره المستمعون إلى المحاضرة على أنه موقف يساري، لأنه ترسخ مفهوم معين بأن يحظر على المستشرق التحدث في السياسة".

تضليل الجمهور

المحاضر في قسم دراسات الشرق الأوسط في جامعة بن غوريون في بئر السبع، الدكتور نمرود هوروفيتس، هو مؤسس – مشارك في "منتدى التفكير الإقليمي". وشدد على أن "هدفنا الأساسي هو إسماع صوت بديل، أقل انفلاتا ومتنوع أكثر للشرق الأوسط". وذكر حركة الإخوان المسلمين في مصر، كمثال على ذلك، وأن صورتها في إسرائيل سيئة للغاية. لكنه اعتبر أنه "لا يمكن تجاهل رأفة واهتمام الإخوان المسلمين بالشعب، وهو الأمر الذي تم التعبير عنه على مدار سنوات طويلة بإقامة مستشفيات ومطابخ للفقراء ومؤسسات تعليم. وعندما نفهم هذا الأمر، لا يمكن أن نصف جميع مؤيديهم بأنهم متطرفون".

ولفت هوروفيتس إلى أن "النقص بالمعلومات يجعل الجمهور الإسرائيلي مريحا للمناورة والتضليل. تنظيم داعش يعتبر ممثل للإسلام السياسي، لكن الواقع هو أن الإسلام السياسي يدينه. والخطاب العام (الإسرائيلي) يميل إلى الانجرار وراء نقاط متطرفة وبالإمكان بناء أبراج من المخاوف على الجهل. واليمين يستخدم ذلك بشكل بالغ".

وقال البروفيسور نمرود زئيفي، الذي أسس قسم دراسات الشرق الأوسط في جامعة بن غوريون، إن "المقارنة التي يجريها (رئيس حكومة إسرائيل بنيامين) نتنياهو بين حماس وداعش مشوهة بشكل كامل. وهذان تنظيمان يحملان أفكارا مختلفة كليا، ومتحاربان ويقتلان بعضهما البعض. والغالبية العظمى من الخبراء يعتقدون أن حماس، رغم كل مساوئها، هي حركة براغماتية، بينما داعش ليس كذلك. وهذه المساواة الوضيعة يمكن تقبلها فقط لدى جمهور لا يعرف المعطيات".

ويعمل المندى في هذه الأثناء تحت رعاية الموقع الالكتروني لمركز "مولاد"، الذي تُنشر فيه مقالات حول عدد كبير من المواضيع المتعلقة بالشرق الأوسط. وقال هوروفيتس إن المنتدى يصبو إلى أن يصبح مركز أبحاث. وأوضح أن المنتدى يتطلع إلى إزالة الحواجز بين "الهام" و"المثير"، لأنه "حتى ما يبدو أنه أصفر وبراق يلامس تيارات اجتماعية تجري تحت سطح الأرض". كذلك فإن المنتدى يطمح إلى "دفيئة الآراء" وأن يغذي وسائل الإعلام الرائجة بمعلومات وقصص. وقال زئيفي إنه "ينتابنا الإحباط من الفجوة بين ما نعرفه حول ما يحدث في الشرق الأوسط وبين شكل عرضها في الإعلام".

ويشار في هذا السياق إلى أن وسائل الإعلام الإسرائيلية تعتمد في تقاريرها حول الشرق الأوسط، والفلسطينيين خصوصا، على مجموعة من الباحثين في شؤون الشرق الأوسط، الذين يطرحون مثل هذه القضايا من خلال وجهة نظر أمنية وعنصرية واستشراقية كلاسيكية، وبالأساس تضليلية. وأحد أبرز هؤلاء الباحثين هو المستشرق والعقيد في الاحتياط يغئال كرمون، الذي أشغل في الماضي منصب رئيس "الإدارة المدنية"، وهي الذراع التي تدير شؤون الاحتلال في الضفة الغربية وقطاع غزة، وكان مستشارا لشؤون "الإرهاب" لدى ثلاثة رؤساء حكومات إسرائيليين، هم إسحاق شامير وإسحاق رابين وبنيامين نتنياهو.

وأسس كرمون معهد "ممري" الذي يرصد وسائل الإعلام في الشرق الأوسط، ويزود الصحافيين والمحللين الإسرائيليين بترجمات للصحف العربية ونقلها إلى الجمهور الإسرائيلي. وأشار دافيد إلى أن "ممري" يبالغ في ترجمة المقالات التي تهاجم إسرائيل بصورة غير عقلانية في الصحافة الأردنية، ولا تلقى رواجا في الشارع الأردني، لكن وسائل الإعلام الإسرائيلية، بتشجيع من "ممري"، تصفها كأنها الأجواء السائدة في الشارع الأردني، "بهدف صيانة مفهوم التهديد الذي يشكله الحيز العربي وصورة إسرائيل بأنها ’فيلا في الغابة’".

وينظر أعضاء "منتدى التفكير الإقليمي" إلى محلل الشؤون العربية في القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي، تسفي يحزقيلي، على أنه يلحق أكبر ضرر بصورة العالم العربي والفلسطينيين من خلال تقاريره. وأعد يحزقيلي سلسلة تقارير، مؤخرا، حول الإسلام في أوروبا، ووصف فيها المسلمين هناك كأنهم متطرفين وجهاديين وأن قسم كبير منهم ينضم إلى التنظيمات المتشددة، مثل "داعش".
ووصف زئيفي هذه التقارير بأنها "فضيحة"، وقال إن "الإسرائيليين أصبحوا يعتقدون أن المسلمين يريدون أن يملوا على أوروبا تطبيق قوانين الشريعة الإسلامية". وأشار دافيد إلى شريط مصور نُشر في موقع "يوتيوب"، يظهر فيه يحزقيلي، الذي أصبح منذ سنوات متدينا متشددا، وهو يقول إن "اليهودي هو ابن ملك والعربي ابن جارية".

"إسلاموفوبيا يهودية"

رأى عضو المنتدى، الدكتور راز تسيمت، أن مشكلة تناول المسترقين الإسرائيليين لقضايا الشرق الأوسط بصورة غير صحيحة عندما يتحدثون في وسائل الإعلام عن إيران. وأوضح أنه "باستثناء حالات قليلة جدا، فإنه يكاد لا يوجد محللين أو أكاديميين يتحدثون اللغة الفارسية ومتخصصين في إيران. إذافة إلى ذلك فإنهم يميلون إلى الاعتماد على الإعلام العربي، وعندما تقوم بتحليل إيران بالاعتماد على تقارير قناة الجزيرة، فهذا موثوق به كما لو أنك تحلل إسرائيل بالاعتماد على تقارير الجزيرة. ووسائل الإعلام العربية منحازة جدا، وهي معادية لإيران وتركز فقط على التآمر الإيراني في المنطقة، ومن دون التطرق تقريبا إلى مواضيع داخلية".

من جانبه قال المحاضر المتقاعد في قسم تاريخ الشرق الأوسط في الجامعة العبرية في القدس، البروفيسور موشيه ماعوز، وهو أحد أقدم المستشرقين الإسرائيليين، إن "الأغلبية الصامتة والعاقلة من المستشرقين ما زال خاملا مقابل الافتراءات وانعدام الدقة والتوجه غير المتزن من جانب بعض المستشرقين المهيمنين، الذين يتحدثون عن الحيز العربي بمزيج من الاستخفاف والكراهية. أحدهم يقول إن المساهمة الوحيدة للعرب في الشرق الأوسط هو اختراع الحمص، وآخر يدعو إلى هدم المساجد في جبل الهيكل (الحرم القدسي) وثالث يشبه (الرئيس التركي رجب طيب) أردوغان بهتلر (الزعيم النازي أدولف هتلر). وعدد منهم كانوا تلاميذي، وبهذا المعنى أشعر أنني فشلت في تربيتهم".

وأضاف ماعوز أن "المستشرق، بنظري، يجب أن يتقمص التعاطف تجاه الثقافة التي يبحث فيها، حتى لو لم يقبلها. ومن الجائز أن هذه الظاهرة هي عارض لظاهرة أوسع هي إسلاموفوبيا يهودية، وفي ظل هذه الأجواء فإن القلائل الذين يجرؤون على معارضتها".

ويأمل أعضاء "منتدى التفكير الإقليمي" بالدخول إلى هذا الفراغ. وقال دافيد إنه "نشأ وضع يوجد فيه للمستشرقين اليمينيين والمحافظين أولوية... وينبغي أن يكون هناك يساريون مستعدون لمغادرة الأكاديميا والتنازل عن إصدار كتابهم المقبل والعمل من أجل مكانهم في التلفزيون من أجل استعراض صورة متنوعة أكثر للعالم العربي".

وأشار زئيفي إلى أن أعضاء المنتدى يرون ضرورة للإقدام على خطوة كهذه وأن تأثيرها سيكون بعد فترة طويلة. "إننا ذاهبون نحو عملية غرس أفكار ستمتد لفترة طويلة جدان وربما ستستغرق سنوات طويلة. إنها مهمة مستعصية، وغايتها في نهاية الأمر فتح الخطاب العام". لكنه اعتبر أن "الجمهور الذي أراه أمام عيني هو أبناء الشبيبة المستوطنون. وهذه مجموعة نوعية، ذكية، وتهتم بما يفكرون به في حماس والإخوان المسلمين. وإذا نجحنا في إثراء وتعميق فهمهم، ليس بقصد تحولهم إلى يساريين، وإنما لجهة إدخال قدر من الشك وانعدام اليقين في أفكارهم الأساسية، فهذا سيكون انجازا كبيرا".

وتابع زئيفي أنه "لا شك في أن الجمهور سئم كل شيء يتعلق بصراعنا الوجودي. وعلى سبيل المثال، هناك المبادرة السعودية. وجاءت جامعة الدول العربية وصاغت مقترحا لاتفاق، قريب جدا من الصيغة الأميركية وحتى من صيغة (رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق ايهود) أولمرت في حينه، لكن لا توجد لدى أغلبية الجمهور أدنى فكرة عن المبادرة السعودية، التي يقف خلفها تحالف عربي واسع مستعد للاعتراف بإسرائيل. إن اختراق حاجز اللا مبالاة هو تحد كبير حقا".

"الأردن جزء من حل الصراع"

التقى اليمين المتطرف واليسار المتطرف، في السنوات الأخيرة، حول حل الدول الواحدة الثنائية القومية، بعد وصول المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية إلى طريق مسدود وتكثيف الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية. وبدأ هذا التوجه، في الفترة الأخيرة، يتغلغل في الخطاب العام الإسرائيلي. وحتى أن رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) السابق، يوفال ديسكين، قال في مقابلة مع موقع "واللا" الالكتروني، في نهاية الأسبوع الماضي، إن الوضع يتجه نحو الدولة الثنائية القومية، لكنه حذر من مخاطر دولة كهذه، إلا أن حل الدولتين لم يعد واردان ورأى أن الحل يكمن في اتفاق إقليمي يشمل القضية الفلسطينية.

ويعترض أعضاء المنتدى على الدولة الثنائية القومية. وقال هوروفيتس إنه "ينبغي الحذر من أعراض تل أبيب ورام الله. وصحيح أنه توجد مجموعة من المثقفين التي تقترح اللعب بفكرة الدولة الواحدة، لكني لست واثقا أبدا من أن الجماهير الفلسطينية مستعدة لقبول العيش نحن حكم صهيوني. ويبدو أنه لطيف جدا أن تمنحهم مواطنة وحقوق، لكن بذلك لا تستجيب لتطلعاتهم الوطنية، وعلى ما يبدو أنك لم تحسن وضعهم المادين لأنهم قد يتحولون إلى سقائي ماء لدينا".

من جانبه، اعتبر زئيفي أن "الفلسطينيين يترددون وموقفهم متغير. وإذا جاءت غدا مبادرة جدية للتقسيم، ربما تراهم يتحركون بهذا الاتجاه، لكن طالما لا توجد مبادرة كهذه، فإنهم يبعدون وحسب (عن حل الدولتين). والذين يوجهون الرأي العام هناك لم يعودوا يتمسكون بحل الدولتين، لأسباب واقعية تتعلق باستقرار المشروع الاستيطاني، ولأنهم يتخوفون من دولة فلسطينية مستقلة. ويرى الكثيرون منهم أفضلية بالترابط مع إسرائيل، بوصفات متنوعة، حتى لو أنهم لا يقولون ذلك علنا".

بدوره يتحدث دافيد عن "تلاشي الخيار الفلسطيني"، واعتبر أنه "باستثناء منظمات ما زالت تسعى للحفاظ على مكانتها لدى المانحين، فإني لا أعتقد أن ثمة من يؤمن حقا بإمكانية إقامة دولة فلسطينية مستقلة، والسؤال هو ما الذي سيأتي مكان ذلك. يوجد فراغ في فكرة السيادة الفلسطينية. وفي إسرائيل، إلى جانب الانجراف من اليمين، حتى جهات في الوسط واليسار الصهيوني أصبحت تقول إن الأردن يجب أن يكون جزء من الحل، بمعنى أن تتحمل المسؤولية عن الضفة، إما بسيطرة فعلية، مثلما كان الوضع في الماضي، أو بواسطة تطبيق الحقوق القومية للفلسطينيين".

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات