ستضطر حكومة شارون الجديدة لأن تضع هدفا مهما لها هو ترميم العلاقات مع اوروبا، التي تدهورت كثيراً في السنتين الاخيرتين. لاسرائيل مصالح ذات وزن كبير في القارة القديمة: الاتحاد الاوروبي هو الشريك الاساسي في تجارة اسرائيل الخارجية، ومواقفه تؤثر على الشرعية الدولية لاسرائيل، التي تسعى الى الاندماج في الغرب. هناك اضرار في الحالتين كلما تواصلت المجابهة مع الفلسطينيين بدون مخرج.وزير الخارجية السابق شلومو بن عامي، الذي حضر الى يوم الانتخابات من سنة تفرغ في انجلترا، يحذّر من ترسيخ صورة اسرائيل في اوروبا كدولة مجذومة. موظف نرويجي كبير زار اسرائيل هذا الشهر، قال لنظرائه الاسرائيليين: "مكانتكم لدينا شطبت". وفي السويد نشر نداء لمقاطعة اسرائيل، والقائمة طويلة. الحملات على اسرائيل تأتي من الطرفين السياسيين، من كارهي الغرباء في اليمين المتطرف، ومن اصحاب النفوس الجميلة وانصار حقوق الانسان في اليسار. من هناك تنتشر نحو الوسط.
على الرغم من أن نتائج الانتخابات الاسرائيلية تُظهر حسمًا واضحًا وقاطعًا، فيما يخص موازين القوى بين اليمين واليسار والمركز، إلا أن مهمة تشكيل الحكومة التي تنتظر أريئيل شارون، رئيس الحكومة، قد تكون الأصعب في الحياة السياسية الاسرائيلية حتى الآن. ويعلم شارون أن الأمكانيات المطروحة أمامه، ليست بالبراقة أو المريحة، وهو بالتالي صرح بما يلائم الوضع: إذا كان الخيار بين حكومة يمين ضيقة وبين تبكير الانتخابات، فإنه سيلجأ إلى الخيار الثاني. مثل هذ التصريح يضع باقي الأحزاب في حالة ضغط. فليس هناك حزب –بما في ذلك "الليكود"، المنتصر الأكبر- مستعد لدخول إنتخابات جديدة بعد أربعة أو خمسة أشهر من الآن.
من الجهة المقابلة، تحاول الأحزاب التي يغازلها شارون أن تناور في المساحة الضيقة التي خلقتها نتائج الانتخابات، وهناك من يحاول أن "يأكل الكعكة ويبقيها كاملة"، كما تقول العبارة الاسرائيلية الشائعة.
"يبدو ان مهمة حكومة شارون الجديدة الاولي ستكون احباط مبادرة التسوية الدولية القسرية للصراع الاسرائيلي ـ الفلسطيني المسماة خريطة الطرق، والداعية الي اقامة دولة فلسطينية مؤقتة حتي نهاية العام 2003 والتوصل الي تسوية دائمة حتي عام 2005".
يعقد البرلمان الاسرائيلي السادس عشر جلسة احتفالية في السابع عشر من شباط بحضور الرئيس الاسرائيلي موشيه قصاب، وسيتم في نفس اليوم تحليف النواب المائة والعشرين في الكنيست الجديد.
اعتبرت السلطة الوطنية الفلسطينية أن فوز ارئيل شارون وحزب الليكود بالانتخابات التشريعية في إسرائيل وبقاءه رئيسا للحكومة سيجعل الامور تسير من "السيىء الى الاسوأ".
أود إسداء نصيحة بسيطة لزملاء ومعاوني وأنصار شارون المخلصين: إياكم أن تتبجحوا أو أن ترقصوا فرحا، إياكم أن تبالغوا في شرب الأنخاب، ذلك لأن مناورة الإنتخابات قد تظهر كفوز أو انتصار "بيروس" على شارون. ولمن لا يعلم فـ "بيروس" هو ملك أبيروس ومحارب باسل هزم الرومان ولكنه فقد جيشه، وهو صاحب القول الشهير في القرن الثالث قبل الميلاد "نصر آخر كهذا وعلينا السلام".هزم شارون حزب "العمل" المهزوم أصلا، وعزز قوة الليكود بنسبة كبيرة، وبذلك هزم نفسه بالدرجة الأولى. ففي ظل انحراف الجمهور نحو اليمين وانهيار قوى السلام، يقف شارون أمام كابوس تشكيل حكومة متطرفة ضيقة. فقد الوجاهة التي وفرها له حزب العمل كورقة تين لسياسة القوة والبطش التي انتهجتها حكومته (حكومة الوحدة السابقة)، حيث دافع عنه بيرس خلال جولاته حول العالم، في حين تحدث بنيامين بن إليعزر عن السلام وعمل كل ما رغب به شارون. ولعله من الصعب فهم كيف ترك شارون بن إليعزر يخرج من الحكومة بسبب حفنة قليلة من الأموال التي طلب الحصول عليها من ميزانية الدولة لأجل تحسين مركزه في الإنتخابات التمهيدية في حزب العمل.
الصفحة 100 من 119