المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

بقلم: يوئيل ماركوساندفع يوسف (طومي) لبيد الى السياسية مباشرة من البرنامج التلفزيوني "بوبوليتيكا". وعندما تحول فجأة من بهلوان لم يفوّت أي عمل بهلواني على الشاشة الى رئيس كتلة "شينوي" في الكنيست، لم يعرف دائما الحدود بين نجومية التلفزيون ورسالته كسياسي منتخب. وحقيقة وضعه برأس القائمة كانت "صرعة"، وهو شخصيا تحول الى "بدعة" سياسية. سريع الخاطر، مع فم كبير، لم يكن واضحا متى يلعب دور الاستفزازي لغرض اللعب ومتى كانت مواقفه حقيقية.

في كل الاحوال، بدا انه - كرئيس كتلة من ستة نواب، مجردا من اعباء المسؤولية في ادارة شؤون الدولة، مع وظيفة حطت بين يديه بلا جهد – يتمتع في كل لحظة. ادى دور العنصري متى شاء، ودور اللبرالي متى شاء، وفوق هذا كله شن حربا ضروسا ضد تعسف "الحرديم". في صالحه يقال انه وفى بوعده الا ينضم الى "شاس" خلال عضويته في الكنيست.

يا للبدعة، ذات صباح نهض لبيد ليكتشف انهم يأخذونه على محمل الجد. تحول "شينوي" برئاسته خلال شهرين الى حائط المبكى الغربي للاحتجاج القومي. ومع ان الاستطلاعات هي استطلاعات، الا ان الاندفاع من ستة نواب الى 15 يشير الى امكانية ان يكون لبيد في الكنيست السادسة عشرة رئيس ثالث اكبر كتلة هناك. ومن يدري؟ ربما سيكون ثاني اكبر كتلة، في ضوء وضع "العمل" البائس، الذي لا ينجح بالتحليق.

لا يوجد استطلاعات خاصة بـ "شينوي" كما هو حال بقية الاحزاب ("نقص في المال")، لكن كوابيس "العمل" هي: 19 نائبا لهم مقابل 17 لـ "شينوي". والتقديرات هي ان تعزيز قوته عائد الى اصوات "المركز" الراحل، وقسم من خائبي الامل من "الليكود" ممن لا يستطيعون رؤية انفسهم يصوتون الى جانب "العمل". هذه اصوات احتجاج على الوضع في الدولة، وعلى الفساد في "الليكود"، وعلى انعدام الثقة بقدرة متسناع على تغيير الوضع، وهي اصوات قد ترى بـ "شينوي" محطة انتقالية، وقد لا تراه كذلك.

الكثير الكثير متعلق بالخط الذي سيتخذه لبيد عندما تزكم رائحة السلطة منخريه. ومن نافة القول التذكير مجددا بأن الدولة وصلت الى اصعب الاوضاع في تاريخها، في كل المجالات. لكن الشعب لم يلتصق بعد بشارون. ورؤساء "الليكود" يحبون تصوير بؤسهم على أنه مناعة قومية. لكن الحقيقة ان الشعب مصدوم، وذلك ينعكس بالتسليم غير المفهوم بالحياة في نفق لا يوجد في اقصاه سوى الظلام. كذلك فان تسلل عناصر من قسم الاجرام المنظم الى الكنيست وجهاز السلطة عبر "الليكود" ابعد ايضا قسما من ناخبيه نحو حركة "شينوي".

هناك تفسيرات على الغالب لانعدام تحليق "العمل". اولا، الى ما قبل شهرين كان شريكا خنوعا لشارون، وعليه فهو مسؤول بشكل لا يقل عنه عن الفوضى التي يتواجد فيها. ثانيا، ما يوجد في طرف ظِفر لبيد ليس موجودا في جسم متسناع كله. صحيح ان متسناع يقول الاشياء الصحيحة، لكن "الكاريزما" لا تنبثق منه، وليس فيه ما كان باراك يصفه بـ killing instinct . واذا عاد "العمل" الى حكومة الوحدة، صغيرا وخانعا اكثر مما كان، فقد يذوب نهائيا كحزب سلطة.

في مثل هذا الوضع، وبخاصة في المجالين الامني والاقتصادي، ينصب غضب الناخبين على القسمة غير العادلة للاعباء القومية، التي تمليها اقلية من "الحرديم" على كل الشعب، وتتحول الطبقة الوسطى الى جماعة مضطهدة. بما ان هذين موضوعان اساسيان نقشهما لبيد على علمه، يمكن القول ان مضاعفة قوة "شينوي" هي اساس راسخ لتعزيزات اضافية من ناخبين يصرخون بكل جوارحهم ان الوضع لم يعد يطاق.

استوعب لبيد سريعا أي سلاح ذري وقع بين يديه فجأة من السماء. نغمة اللاءات عنده تعدلت. وذابت شروطه حول من يتحالف معه او لا يتحالف. هو مع "خريطة الطرق" ومع دولة فلسطينية، ومع انسحاب من المناطق ضمن تسوية وباتفاق قومي. حتى الغاء "قانون طال" يتصوره يتم بحذر وبالتدريج. "شينوي" لن يكون "داش" من العام 2003. كانت غاية "داش" التاريخية في 1977 اسقاط سلطة "العمل". الان لا يبدو ان "الليكود" سيتلقى ما يستحقه: ان يفقد السلطة. من شأن "شينوي" الذي سيحافظ على زيادته ان يؤثر على شكل وسياسة الحكومة التي ستقوم – الليكود، العمل، وشينوي، بدون "الحرديم". اذا تصرف لبيد باتزان، فسيورث الفولكلور القومي الاسطورة بأن المسيح لن يأتي راكبا على حمار بل على اكتاف "بوبوليتيكا"، وبأنه كان علمانيا.

(هآرتس، 3 يناير)

المصطلحات المستخدمة:

شينوي, الكنيست, الليكود, باراك, داش, هآرتس

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات