المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

دعا رئيس قائمة "العسكر الصهيوني" والمعارضة الإسرائيلية، إسحاق هرتسوغ، يوم السبت الماضي، حكومة إسرائيل إلى "استيعاب مراقب" للاجئين سوريين، معتبرا أن "اليهود لا يمكنهم أن يكونوا غير مبالين فيما ينزح مئات آلاف اللاجئين نحو بر الأمان". كذلك دعت رئيسة حزب ميرتس، زهافا غالئون، المعارضة الإسرائيلية إلى التوحد ومطالبة الحكومة باستيعاب لاجئين من سورية.


ورفض رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، هذه الدعوات، وادعى خلال اجتماع حكومته الأسبوعي، أول من أمس الأحد، أن "إسرائيل ليست غير مبالية بالمأساة الإنسانية للاجئين من سوريا وأفريقيا. لقد عالجنا نحو ألف جريح من المعارك في سورية". واعتبر نتنياهو أن "إسرائيل هي دولة صغيرة وليس لديها عمق ديمغرافي ولا عمق جغرافي، ولذلك علينا أن نسيطر على حدودنا، سواء ضد متسللي العمل أو ضد جهات إرهابية".


وتأتي أقوال نتنياهو ورفضه استقبال لاجئين سوريين، في وقت بدأت فيه الجرافات الإسرائيلية بالعمل على بناء جدار على طول الحدود مع الأردن، والتي يقع قسم كبير منها في الضفة الغربية والأرض المحتلة العام 1967.


من جهة ثانية، وعلى الرغم من امتناع المسؤولين الرسميين الإسرائيليين عن رد فعل رسمي، لكن وسائل الإعلام الإسرائيلية تناولت في الفترة الأخيرة تقارير وأنباء تحدثت عن احتمال استقالة الرئيس الفلسطيني، محمود عباس. وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، الأسبوع الماضي، أن هيئات سياسية وأمنية إسرائيلية تعقد اجتماعات للتداول في احتمال حدوث أمر كهذا، وأنه على الرغم من تلويح الرئيس الفلسطيني بالاستقالة أكثر من مرة في الماضي، إلا أن التقارير الأخيرة تبدو أكثر جدية على ضوء الجمود العميق في العملية السياسية بين الجانبين.


ورغم تلقي نتنياهو ضربة من مجلس الشيوخ الأميركي، بعدما تبين أن 34 من أعضائه سيؤيدون الاتفاق النووي بين إيران والدول الكبرى، الأمر الذي يسمح للرئيس باراك أوباما باستخدام حق النقض في الكونغرس لمنع رفض الاتفاق، إلا أن نتنياهو ما زال يعتبر أنه تمكن من إقناع الكونغرس بأغلبيته الجمهورية وكذلك أغلبية الشعب الأميركي بصحة موقفه ضد الاتفاق.


حول هذه المواضيع، أجرى "المشهد الإسرائيلي" مقابلة خاصة مع المحلل السياسي في عدد من وسائل الإعلام الإسرائيلية، شالوم يروشالمي.


(*) "المشهد الإسرائيلي": ما الذي دفع هرتسوغ لدعوة الحكومة الإسرائيلية إلى استقبال لاجئين سوريين، في الوقت الذي لا يعارض فيه الخطوات الحكومية لترحيل طالبي اللجوء الأفارقة من إسرائيل؟


يروشالمي: "ثمة أمران هنا. إن هرتسوغ هو شخص حساس وإنساني ولديه توجه معين إلى مواضيع كهذه، وهو يحب دائما اقتباس آيات من التوراة تتعلق بتقديم المساعدة لأناس بائسين. ومكتوب عندنا في سفر إشعياء أن ’تُكسر للجائع خبزك وتُدخل المساكين التائهين إلى بيتك’. وغالبا ما يقتبس هرتسوغ هذه الآية من التوراة. أي أن لديه توجها كهذا. وربما هو اعتقد أن إطلاق تصريح كهذا مريح له من الناحية السياسية. لكن الفكرة نفسها يصعب تحقيقها. وقد قدمت إسرائيل مساعدات إنسانية وطبية للسوريين قبل فترة طويلة من بدء نزوح اللاجئين السوريين إلى أوروبا. كذلك فإن قيام إسرائيل باستيعاب لاجئين من دول معادية هو أمر غير واقعي".

(*) إلى أي مدى يوجد تخوف في إسرائيل من دخول لاجئين إليها، وهل يبرر تخوف كهذا القرار ببناء جدار على طول الحدود مع الأردن؟

يروشالمي: "نعم. إحدى المشاكل الأصعب التي تواجهها إسرائيل هي تسلل لاجئين إليها. والتقديرات هي أن الفائدة التي جنيناها من بناء الجدار الغربي (عند الخط الأخضر) سنجنيها أيضا من بناء الجدار الشرقي. والشرق الأوسط موجود في خضم هزة عميقة للغاية، وبالإمكان أن تكون هناك موجات لاجئين أخرى، ولذلك ينبغي أن نكون مستعدين لمواجهة أي وضع. إن ما تسبب به المتسللون من أفريقيا للمجتمع الإسرائيلي كان أزمة عميقة. فالسلطات هنا منشغلة بموضوع اللاجئين الأفارقة بصورة يومية وهناك مشاكل صعبة للغاية والمحكمة العليا تنظر في التماسات لا نهاية لها، وهناك معتقلات أقيمت خصيصا لها. وقد تأثرت إسرائيل كثيرا من استيعاب العمال الأجانب وتسلل مهاجري العمل على أشكالهم. ونحن نعتقد أن غالبيتهم ليسوا لاجئين وإنما هم مهاجرون يبحثون عن العمل. والعبرة المستخلصة من هذه التجربة تطبقها إسرائيل بواسطة بناء الجدار على طول الحدود مع الأردن. وبرأيي أنه لا يوجد أي خيار لدى إسرائيل وعليها أن تحافظ على نفسها".

(*) هل يوجد قلق في إسرائيل من إمكانية استقالة الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)؟


يروشالمي: "أعتقد أنهم في إسرائيل قلقون جدا من إمكانية استقالة أبو مازن. لأنه على الرغم من أن إسرائيل امتنعت عن إجراء مفاوضات مع أبو مازن واستغلال اعتداله، فإنها قلقة للغاية من احتمال رحيل أبو مازن وأن تحل مكانه جهات متطرفة أكثر بكثير. لكن على إسرائيل أن تتهم نفسها فقط في هذا الموضوع، لأن سياستها لم تر احتمال حدوث تطور كهذا. وواضح أنه إذا كانت إسرائيل ستتوصل إلى تسوية ما مع الفلسطينيين فإنها ستكون مع أبو مازن فقط. وهذا الأمر أصبح متأخرا اليوم، وحتى مع أبو مازن لم يعد بالإمكان التوصل إلى تسوية. ولذلك فإنني أعتقد أن الوضع في المستقبل سيكون أخطر مما هو عليه الآن. وأرى أن إسرائيل لم تعمل بشكل صحيح في هذا الموضوع".

(*) نشرت مؤخرا تقارير حول نية الجانب الفلسطيني إلغاء اتفاقيات أوسلو. ما رأيك؟


يروشالمي: "إسرائيل هي أول من خرقت اتفاقيات أوسلو وألغتها وليس الفلسطينيين، ولذلك فإن تقارير كهذه لا تأتي بأمر جديد، من هذه الناحية. وكل هذا، وما قلته سابقا، يدل على أن جميع الاتفاقيات بين إسرائيل والفلسطينيين أخذت تتفكك. وبدون أبو مازن سيكون الوضع أسوأ. إن وجود أبو مازن حافظ على إطار معين من الحياة المشتركة، فهو كره الإرهاب وتم التوصل معه إلى حلول ميدانية، وأنا لست واثقا من أنه سيكون بإمكان آخرين إظهار القدر نفسه من القدرة القيادية".

(*) المثير في الأمر هو أن نتنياهو لا يبدو متأثراً بكل ما يجري حول إسرائيل، بينما هو مصر على الاستمرار في المواجهة مع الإدارة الأميركية والرئيس باراك أوباما حول إيران. على ماذا يدل هذا الوضع؟

يروشالمي: "نتنياهو قلق بالأساس من الموضوع الإيراني. وفيما يتعلق بموضوع السلام مع الفلسطينيين، فإنني أعتقد أنه اتخذ قراره، وهو الحفاظ على الوضع القائم لأطول فترة ممكنة وعدم دفع أي حل يستند إلى دولتين للشعبين، وإقامة دولة فلسطينية، رغم كل العواقب المرتبطة بذلك. ومن هذه الناحية لديه نوع من المواجهة مع الأميركيين إضافة إلى الموضوع الإيراني. لكن يجري الحديث هنا عن موضوعين مختلفين، ونتنياهو يؤمن بأنه سيتمكن من إقناع الأميركيين بأن الفلسطينيين أيضا مذنبون وليس هو فقط. وفي الموضوع الإيراني هو مقتنع بأن الصدام بينه وبين أوباما لن يسبب ضررا لإسرائيل على المدى البعيد لأن الرئيس الحالي سيرحل وسيأتي مكانه رئيس جديد، كما أن الجمهوريين يؤيدونه وربما معظم الشعب الأميركي يفكر مثله. ولذلك فإن الموضوع الإيراني هو قضية منفصلة بالكامل عن القضية الفلسطينية، بحسب وجهة نظر نتن

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات