المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

رغم مرور شهر تقريبا على صدور نتائج انتخابات الكنيست الـ20، إلا أن حزب الليكود وزعيمه بنيامين نتنياهو لم ينجحا بعد في تشكيل حكومة جديدة، مع أن نتائج الانتخابات أظهرت وجود أغلبية في الكنيست لأحزاب اليمين والحريديم. وفي هذه الأثناء، حصل نتنياهو من الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، أمس الاثنين، على مهلة أخرى مؤلفة من 14 يوما لمواصلة سعيه لتشكيل حكومة.
وتشير وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أن حزب الليكود توصل إلى تفاهمات واسعة مع أحزاب "كولانو"، برئاسة موشيه كحلون، وشاس و"يهدوت هتوراة"، ولكن المشكلة التي يواجهها نتنياهو حاليا هي مع حزب "البيت اليهودي" برئاسة نفتالي بينيت، وحزب "يسرائيل بيتينو" برئاسة أفيغدور ليبرمان.


ويطالب بينيت بعدم منح حقيبة الأديان لحزب شاس. وهدد يوم مساء السبت الماضي بأن "أخذ حقيبة الأديان بصورة أحادية الجانب من الصهيونية الدينية (التي يمثلها "البيت اليهودي") ومنحها إلى حزب شاس سيشكل نهاية للمفاوضات الائتلافية مع البيت اليهودي". كذلك كان بينيت قد أعلن الأسبوع الماضي أنه مستعد للتنازل عن حقيبة الخارجية شريطة عدم منحها إلى ليبرمان.
وفي هذه الأثناء لا تجري اتصالات بين حزب الليكود وقائمة "المعسكر الصهيوني" الذي يتزعمه إسحاق هرتسوغ وتسيبي ليفني. ورغم ذلك لا تزال هناك تكهنات حول إمكانية انضمام "المعسكر الصهيوني" لحكومة برئاسة نتنياهو، علما أن هرتسوغ كرر الإعلان مؤخرا عن رفضه الانضمام للحكومة.


وحول نتائج انتخابات الكنيست والمفاوضات الائتلافية وانعكاسها على مستقبل علاقات إسرائيل الخارجية، أجرى "المشهد الإسرائيلي" مقابلة خاصة مع المحاضر في "قسم تاريخ إسرائيل" في جامعة حيفا والناشط السياسي في حزب العمل الإسرائيلي، البروفسور داني غوطفاين.


(*) "المشهد الإسرائيلي": بعد نشر نتائج انتخابات الكنيست، بدا أن حصول كتلة أحزاب اليمين والحريديم سيسهل مهمة تشكيل حكومة يمين، لكن مر شهر والمفاوضات الائتلافية ما زالت عالقة. لماذا؟
غوطفاين: "السؤال هو ما إذا كانت المفاوضات عالقة أم أن الشركاء المحتملين يحاولون تحسين مواقعهم من خلال المفاوضات. وأعتقد أن احتمال تشكيل حكومة يمين مؤلفة من 67 عضو كنيست يتعزز، بل بات حقيقة، والنقاشات الجارية بين هؤلاء الشركاء الائتلافيين هو ما يعيق تشكيل الحكومة، وليس مسائل سياسية مبدئية، يبدو أن هناك خلافات على توزيع الحقائب أكثر مما هي خلافات سياسية".


(*) الرئيس الإسرائيلي منح نتنياهو مهلة إضافية من أجل مواصلة مسعاه لتشكيل الحكومة. ماذا يتوقع أن يحدث خلال هذه المهلة ولم يحدث خلال شهر مضى على المفاوضات الائتلافية؟
غوطفاين: "هذا كان أمرا متوقعا. وبما أن النقاش في هذه المفاوضات يتمحور حول الحقائب الوزارية، فإنه ستكون هناك نقطة زمنية ستنتهي فيها هذه القصة، وسيضطرون إلى التوصل إلى اتفاقيات. وطالما أنه لا يزال هناك وقت فإن الأطراف يستغلون ذلك من أجل تحسين مواقعهم في

الحكومة. الأمر المؤكد هو أنه لا توجد في هذه المفاوضات مسائل مبدئية وهامة. والخلاف حول حقيبة الأديان، على سبيل المثال، ليس خلافا مبدئيا وإنما هو خلاف على مراكز قوى. ولا يبدو أن بين الشركاء في الائتلاف المقبل ثمة نقاش جوهري على خطوط سياسية. وحقيبة الأديان ومن سيتولاها هو موضوع قابل للحل".
(*) ألا تعتقد أنه يوجد احتمال لتشكيل حكومة وحدة بمشاركة "المعسكر الصهيوني"؟
غوطفاين: "أولا، يصعب التنبؤ ولا نعرف إذا كانت هناك اتصالات خلف الكواليس أم لا. ويبدو الآن أنه لا يوجد أساس لتشكيل حكومة وحدة، لسبب بسيط وهو أن نتنياهو، على ما يبدو، معني بتشكيل حكومة اليمين أولا، وربما سينضم المعسكر الصهيوني لاحقا، لكن لا يوجد لهرتسوغ دعم كاف من جانب جمهور ناخبيه للإقدام على خطوة كهذه. ولذلك فإن خطوة كهذه لا تبدو ناضجة الآن من الناحية السياسية".


(*) هل حكومة يمين ضيقة مريحة لنتنياهو أكثر من حكومة وحدة؟
غوطفاين: "حكومة يمين ضيقة مريحة أكثر بالنسبة لنتنياهو من ناحية السياسة الداخلية، ولكنها إشكالية أكثر من ناحية علاقات إسرائيل الخارجية. وبما أنه يبدو أن العلاقات الخارجية سيكون لها وزن أكبر في الشهور المقبلة، فإنه ليس واضحا لي كيف يمكن أن تكون حكومة يمين مفضلة بالنسبة لنتنياهو، بينما من خلال تشكيل حكومة وحدة، سيمنحه العسكر الصهيوني راحة في كل ما يتعلق بالعلاقات الخارجية، لكن الحكومة الضيقة ستمنحه راحة في إدارة السياسة الداخلية. وسنرى كيف سيتصرف نتنياهو على رأس حكومة يمين ضيقة وكيف سيتعامل مع العلاقات الخارجية".


(*) ما هي المواضيع والقضايا التي يتعين على نتنياهو دفعها من خلال حكومته الجديدة، وهل العلاقات مع الإدارة الأميركية هي أحد هذه المواضيع؟
غوطفاين: "السؤال ليس حول المواضيع التي يريد دفعها وإنما ما هي التحديات التي سيضطر إلى مواجهتها. وأعتقد أنه توجد أجندة ماثلة أمامه، وتتعلق بالقضية الإيرانية وكل ما يحدث في الشرق الأوسط. فالشرق الأوسط يتغير بوتيرة سريعة جدا وتتغير معه التحالفات، كما نرى في الموضوع اليمني والموضوع الإيراني، وكل هذه الأمور تغير صورة الشرق الأوسط بالكامل. والأمر المثير هو كيف ستندمج إسرائيل في منظومة التحالفات هذه في المنطقة. وبالنسبة للعلاقات مع الولايات المتحدة، فإن الأمر الأهم هنا هو علاقات نتنياهو مع الرئيس باراك أوباما، وهذه الأزمة لم تعد مسألة إسرائيلية أميركية، لأن الجمهوريين يدعمون نتنياهو، وهذا الأمر ينعكس على العلاقات بين نتنياهو وأوباما".


(*) وماذا بالنسبة للعلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين؟
غوطفاين: "يبدو أن العلاقات مع الفلسطينيين ستبقى على حالها، ويبدو أن كلا الجانبين مستعدان للدفع باتجاه استقرار العلاقات، والتوصل إلى تفاهمات معينة. رغم ذلك، فإني أعتقد أن كلا من الجانبين يحاول اختبار حسنات سياسته الصدامية تجاه الآخر. وأعتقد أن هذا الأداء ليس في مصلحتهما، وأن اتفاقا بينهما هو أمر جيد بالنسبة لإسرائيل. كذلك أعتقد أن محاولات كل جانب لَيّ ذراع الآخر لن يعود بالفائدة على أي منهما. كما أن مطالبة إسرائيل الفلسطينيين بالاعتراف بيهودية الدولة لا يصنع سلاما، كذلك فإن الخطوات التي تنفذها إسرائيل في الضفة الغربية لا تدفع باتجاه حل الصراع. ولذلك على كلا الجانبين أن يجريا إعادة تقييم للأضرار، وهذا ما سيحدث في النصف سنة أو السنة المقبلة، وربما يسفر ذلك عن فتح أفق لاستئناف المفاوضات".


(*) كيف تلخص نتائج انتخابات الكنيست، وخصوصا فوز نتنياهو الساحق فيها؟
غوطفاين: "نتائج الانتخابات معقدة أكثر مما تبدو. والفوز الذي حققه نتنياهو كان بسبب أنه حصل على أصوات من داخل كتلة اليمين، أي أنه نجح في كسب عدد أصوات يوازي ثلاثة أو أربعة مقاعد على حساب حزب البيت اليهودي. وإذا دققنا في التوازن بين اليمين والوسط – اليسار فإن المعسكر الأخير عزز قوته. ولذلك فإني أعتقد أن هذه الانتخابات لا تعبر عن حدوث تغيير، وما حدث هو أن هذه الانتخابات عززت مكانة نتنياهو مقابل كتلة أحزاب اليمين. والأمر المثير للقلق، وأنا هنا أنظر إلى الأمور بعين اليسار، هو الطابع الطبقي لهذه الانتخابات. فاليمين قوي بفضل دعم الشرائح الاجتماعية الضعيفة والدنيا بينما الوسط- اليسار موجود بقوة في الشرائح القوية. وهذا أخطر ما كشفت عنه نتائج الانتخابات الأخيرة، ويتعين على اليسار التعامل مع هذا الوضع".

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات