بينما تتواصل العاصفة الشديدة التي تجتاح دولة إسرائيل وقطاعات واسعة، يهودية وأخرى، في أنحاء مختلفة من العالم على خلفية حزمة التشريعات القانونية الجديدة التي شرعت الحكومة الإسرائيلية الجديدة (الحكومة الـ 37) وائتلافها البرلماني في سنّها في الكنيست الإسرائيلي والتي اتخذ لها أصحابها عنوان "برنامج إصلاح الجهاز القضائي" بينما وضع لها معارضوها عنوان "الانقلاب القضائي" أو "الانقلاب على نظام الحكم"، كشف تحقيق نشره مؤخراً موقع مركز "هشومريم" / الحرّاس (الذي يعرّف نفسه بأنه "مركز للإعلام والدمقراطية؛ جسم إعلامي غير سياسي غايته تعزيز أسس الديمقراطية في إسرائيل من خلال المشاريع الإعلامية والتعاون مع وسائل الإعلام الإسرائيلية الأخرى") عمّا وصفه بأنه "انقلاب ليس أقل دراماتيكية تتضمنه الاتفاقيات الائتلافية الجديدة ويمر من تحت الرادار دون أن ينتبه له أحد
تتعلق إحدى نقاط الخلاف بين الوزير بتسلئيل سموتريتش والائتلاف الحكومي الذي يترأسه بنيامين نتنياهو بالإدارة المدنية. من جهة، وعد سموتريتش ناخبيه ومناصريه من المستوطنين والصهيونية الدينية بتفكيك الإدارة المدنية. من جهة ثانية، تعارض الدوائر الأمنية الإسرائيلية (مثل الجيش والمخابرات) بالإضافة إلى أحزاب سياسية أساسية مثل الليكود، تفكيك الإدارة المدنية لأسباب تقنية وأخرى سياسية (سيتم ذكرها أدناه). تفصل هذه المقالة ماهية الإدارة المدنية، أقسامها، وعملها، وتركز على الكيفية التي من المرجح خلالها تجاوز هذا الخلاف خلال العامين القادمين.
بتاريخ 23 كانون الثاني الماضي، اجتمع وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، والوزير الثاني في وزارة الدفاع بتسلئيل سموتريتش، مع رؤساء مجالس المستوطنات في الضفة الغربية. إحدى النقاط التي تم التطرق إليها هي "ضرورة" عودة إسرائيل إلى إحصاء الفلسطينيين في الضفة الغربية، أو على الأقل أخذهم بعين الاعتبار عند تقديم الخدمات الحكومية الإسرائيلية. برز هذا الموضوع أثناء الحديث عن تطبيق بنود الاتفاقيات الائتلافية التي تخص الاستيطان في الضفة الغربية التي وُصفت بأنها "ستحدث انقلابا نوعيا في تعامل إسرائيل مع المشروع الاستيطاني". تنظر هذه المقالة في: 1) تاريخ علاقة إسرائيل الإحصائية بسكان الأراضي المحتلة، 2) دوافع إسرائيل من وراء العودة للحديث عن ضرورة قيامها بمسح سكان الضفة الغربية وتعدادهم بعد 30 عاما على توقيع اتفاقيات أوسلو.
تشير تقاريرعدة، وتصريحات من أوساط إسرائيلية، إلى تعاظم القلق من مستقبل ظروف معيشة العلمانيين الإسرائيليين، في ظل حكومة، نصف الائتلاف فيها يرتكز على أحزاب دينية تتطرف أكثر في تشدّدها الديني، بموازاة تطرفها السياسي، في حين أن النصف الآخر، حزب الليكود، يبدي توافقا مع سلسلة من مشاريع القوانين والقرارات الحكومية المخطط لها، لتعميق سياسة الإكراه الديني، على الرغم من تصريحات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو المتكررة، مدعيا الحفاظ على الوضع القائم في علاقة الدين بالدولة؛ وهذا ورد في اتفاقيات الائتلاف، إلا أن بنودا أخرى في الاتفاقيات تقول شيئا آخر.
فور وصول وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى مكان العملية في مستوطنة "نافيه يعقوب" في القدس، يوم 27 كانون الثاني الحالي، توجه مباشرة إلى المستوطنين المتجمعين على أطراف الطرق وسألهم: "هل كان لديكم سلاح؟". قد يبدو هذا سؤالا غريبا يصدر عن وزير الأمن القومي، والمسؤول المباشر عن الشرطة الإسرائيلية، إذ إنه بدل أن يتوجه إلى ضباط الشرطة، وعناصرها، المتواجدين في المكان ويسائلهم عن جهوزيتهم، ويقيم سرعة استجابتهم لاستغاثة المستوطنين، توجه في المقابل إلى المستوطنين المدنيين. يرتبط هذا التصرف بخطة بن غفير لإقامة "حرس وطني" يضم متطوعين من الإسرائيليين المدنيين المسلحين، والذي يعتزم مأسسته خلال العام الحالي. تلقي هذه المقالة الضوء مجددا على مخطط هذا الوزير لتعميق عسكرة المجتمع الإسرائيلي بشكل تدريجي.
الصفحة 75 من 338