المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

أعلنت وزارة المالية الإسرائيلية في نهاية الأسبوع الماضي عن تخفيض توقعاتها للنمو الاقتصادي في العام الجاري 2015 من 1ر3% حسب توقعات سابقة إلى 6ر2% حاليا، وهذا بعد أن طرح مكتب الاحصاء المركزي تعديلا جديدا لتقديرات النمو في الربع الثاني من العام الجاري، انخفض من 3ر0% حسب التقرير السابق إلى 1ر0% حاليا وهي نسب أقرب إلى الركود، وهذا ما تعكسه أيضا وتيرة التضخم المالي في العامين الأخيرين، ليكون "تضخما سلبيا"، لكن أمام كل هذه التوقعات فإن خزينة الضرائب ما تزال تسجل فائضا، ما دعا وزارة المالية إلى رفع تقديراتها لمداخيل الضرائب في العامين الجاري والمقبل- 2016.

وكانت مكتب الاحصاء المركزي قد أعلن في الأسبوع الماضي عن تعديل تقديراته للنمو في الربع الثاني من العام الجاري، فبعد أن قال تقرير الشهر الماضي آب، إن النمو في الربع الثاني سجلا ارتفاعا بنسبة 3ر0%، فإن التقدير الجديد يقول إن النسبة كانت اقل وبلغت 1ر0%، ما يعني ركودا اقتصاديا، في حين أن النمو سجل في الربع الأول من العام الجاري ارتفاعا بنسبة 8ر1%. ورغم ذلك، فإن تقديرات الخبراء تقول إن النمو ارتفع في النصف الأول من العام الجاري ككل، بنسبة 5ر2%، وهي أيضا نسبة أقرب للركود الاقتصادي، مع الأخذ بعين الاعتبار أن نسبة التكاثر السكاني في إسرائيل هي في حدود 8ر1%.

ويقول تقرير مكتب الإحصاء إن من أسباب تدني نسب النمو، انكماش نسبة الاستهلاك الفردي في النصف الأول من العام الجاري، ومعه تراجع الصادرات بنسبة 12% (من دون صادرات المجوهرات)، وبيع شركات تكنولوجية حديثة من حيث تأسيسها.

وعلى ضوء هذا التقرير قررت وزارة المالية تخفيض توقعاتها للنمو الاقتصادي للعام الجاري من 1ر3%، حسب التوقعات السابقة، إلى 6ر2% حسب التوقعات الجديدة، في حين تتوقع الوزارة أن يكون النمو في العام المقبل 2016 في حدود 1ر3%، بدلا من نسبة 3ر3% حسب توقعات سابقة، وقالت الوزارة إن تقديرات النمو للعام المقبل قد تتغير إلى الأحسن، في حال ثبتت مؤشرات اقتصادية مستقبلية ايجابية.

وقال تقرير الوزارة إن تقديراتها للنمو تعكس مساهمة قطاع الغاز، الذي بدأ يؤثر على نسب النمو ابتداء من النصف الثاني من العام الماضي 2014.

كما اشار التقرير إلى أن تعديل توقعات النمو لن تنعكس على سوق العمل، فالبطالة ستستمر بنسب منخفضة، في حدود 1ر5% في العامين الجاري والمقبل، وهذه تعد حسب تعريفات سوق العمل النسبة الأدنى التي من الممكن أن تهبط اليها البطالة، إذ أنها تشمل عاطلين عن عمل مؤقتين في مرحلة انتقالية من عمل إلى آخر، ونسبة جدية من عاطلين آخرين عن العمل هم ممن باتوا أقرب إلى جيل التقاعد ويصعب عليهم ايجاد مكان عمل يستوعبهم.

ارتفاع الضرائب متواصل

كذلك ورغم هذه التقارير، فإن وزارة المالية رفعت توقعاتها لمداخيل الضرائب، التي تستمر في تسجيل فائض، كما يظهر في تقرير سلطة الضرائب الأخير.

وقالت الوزارة إن تقديراتها للضرائب ارتفعت من 256 مليار شيكل (66 مليار دولار)، إلى أكثر من 270 مليار شيكل (5ر69 مليار دولار)، كما رفعت الوزارة تقديرات ضرائب العام الماضي من 272 مليار شيكل (70 مليار دولار) إلى قرابة 281 مليار شيكل (حوالي 73 مليار دولار).

وقال تقرير لسلطة الضرائب الإسرائيلية إن جباية الضرائب في شهر آب الماضي، سجلت ارتفاعا بنسبة 6ر9%، مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي 2014. وبلغ مجموع الضرائب 6 مليارات دولار، وبلغ حجم الضرائب التي تمت جبايتها في الاشهر الثمانية الأولى من هذا العام 47 مليار دولار، وهذا أعلى بنسبة 8% من نفس الفترة من العام الماضي.

ونقلت الصحافة الاقتصادية عن خبراء قولهم إن الفائض المتوقع في خزينة الضرائب لهذا العام سيكون 10 مليارات شيكل، وهو ما يعادل تقريبا 6ر2 مليار دولار، في حين أن التخطيط كان يقضي بجباية 66 مليار دولار، بموجب سعر صرف الدولار القائم في هذه الأيام. غير أن تخفيض ضريبة المشتريات من 18% إلى 17% ابتداء من اليوم الأول من الشهر المقبل، تشرين الأول، من شأنه أن يخفض من قيمة الفائض المتوقع نحو 400 مليون دولار، خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الجاري.

ورغم ذلك، فإن قسما جديا من زيادة الضرائب التي كانت في الشهر الماضي، ناتج عن صفقات وإجراءات اقتصادية غير ثابتة، فمثلا سجلت ضريبة الأراضي في ذلك الشهر ارتفاعا بنسبة 3ر1 مليار شيكل، بزيادة بنسبة 92% عن الشهر ذاته من العام الماضي، ما يعني أن ثلث الزيادة الاجمالية جاءت من هذا البند، لكن الزيادة في ضريبة العقارات كانت بسبب اربع صفقات أراض ضخمة لمشاريع بناء. كذلك فإن قسما من الزيادة كان بفعل تراجع الصادرات وعدم حصول المصدّرين على مرتجعات ضريبة شراء.

وأدى الفائض المتراكم حتى في خزينة الضرائب إلى تراجع العجز في الموازنة العامة، الذي مخطط له أن يصل إلى 9ر2% في هذا العام، وحسب تقرير وزارة المالية فإن العجز في الأشهر الـ 12 الأخيرة هبط إلى نسبة 1ر2% من حجم الناتج العام، ويتوقع المراقبون أن تسارع الحكومة في الأشهر الأخيرة إلى صرف مليارات كثيرة من الشواكل حتى تقرّب العجز إلى ما تم التخطيط له. وقالت تقرير للمحاسب العام للدولة إن أدنى عجز هذا العام سجله شهر آب الماضي، إذ بلغ العجز ما قيمته 570 مليون دولار.

التضخم "سلبي"

في ظل هذه المعطيات صدر التقرير الشهري للتضخم المالي عن شهر آب الماضي، وبيّن أن التضخم تراجع بنسبة 2ر0%، وفي الأشهر الثمانية الأخيرة هبط التضخم بالنسبة ذاتها- 2ر0%، وفي الأشهر الـ 12 الأخيرة، من أيلول 2014 وحتى آب الماضي، هبط التضخم بنسبة 4ر0%.

وتشير كل الدلائل إلى أن التضخم المالي سينتهي في هذا العام أيضا سلبيا، بعد أن سجل تراجعا في العام الماضي بنسبة 2ر0%، إذ أن التضخم في الأشهر الأخيرة من كل عام يكون عادة بوتيرة بطيئة إلى "سلبية".

وتعبر الأوساط الاقتصادية والمالية الرسمية عن قلقها من وتيرة التضخم، التي هي بعيدة جدا عن الهدف الذي حددته السياسية الاقتصادية القائمة، ليتراوح ما بين 1% إلى 3%. وعلى ضوء هذا يتوقع المراقبون أن يبقي بنك إسرائيل على مستوى الفائدة البنكية القائمة منذ عدة شهور 1ر0%، خاصة وأن البنك كان قد قرر من قبل أن لا يجري تعديلات على الفائدة البنكية في فترة الأعياد العبرية القائمة حاليا.

وقال مكتب الإحصاء المركزي إن جدول آب قد تأثر من تراجع أسعار النفط، ومن تراجع أسعار موسمية، وخاصة الملبوسات، والفواكه الطازجة، ولكن أيضا تراجع أسعار الوقود بنسبة 4%، بينما ارتفعت أسعار الخضراوات الطازجة بفعل موجة الحر، كما ارتفعت أسعار البيوت بنسبة 8ر0%، وأسعار النقاهة بنحو 12%، وهو ارتفاع موسمي لمثل هذا الشهر.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات