المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

*نتنياهو يرفض رفع الضريبة المفروضة على الشركات *شتاينيتس يقدم تنازلات كبيرة للشركات على "أرباح محتجزة" *مراقبون: جباية ضريبة عادية من "الأرباح المحتجزة" لدى الشركات كان من شأنها أن تسد العجز المالي كاملا في الميزانية وأن تمنع فرض ضرائب جديدة *مدير عام المالية يتحدث عن رفع الميزانية بنسبة 5% قبل تقليصها*

*نتنياهو يرفض رفع الضريبة المفروضة على الشركات *شتاينيتس يقدم تنازلات كبيرة للشركات على "أرباح محتجزة" *مراقبون: جباية ضريبة عادية من "الأرباح المحتجزة" لدى الشركات كان من شأنها أن تسد العجز المالي كاملا في الميزانية وأن تمنع فرض ضرائب جديدة *مدير عام المالية يتحدث عن رفع الميزانية بنسبة 5% قبل تقليصها*

كتب برهوم جرايسي:

واصلت التقارير الصحافية الحديث عن العناوين المركزية للميزانية العامة للعام المقبل 2013، في حين أنه حتى الآن لم يقرر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ما إذا سيتوجه إلى ميزانية مزدوجة للعامين المقبلين، أم للعام المقبل وحده، وبحسب تلك التقارير، فإن الميزانية العامة ستشمل رفع ضريبة المشتريات من 16% إلى 17%، وحتى أن هذا القرار قد يتم تنفيذه قبل نهاية العام الجاري، بالإضافة إلى رفع ضريبة الدخل بنسبة 1%، وفي حين أن المتضرر من ضريبة الشراء جميع شرائح المجتمع، وبالذات الشرائح الفقيرة والوسطى، فإن رفع ضريبة الدخل ستتأثر منها أساسا الشرائح الوسطى، وفي المقابل، يرفض نتنياهو رفع ضريبة الشركات بنسبة 15%، بزعم ان هذا سيضر بالنمو الاقتصادي، كونه سيقلل من حجم أرباح هذه الشركات.

رفع حجم الميزانية

وقال مدير عام وزارة المالية دورون كوهين، في مؤتمر اقتصادي عقد في الأسبوع الماضي في تل أبيب، إن وزارته كانت تتوقع انتعاشا اقتصاديا في العام المقبل- 2013، إلا أن المؤشرات التي تراها الوزارة تشير إلى احتمال تباطؤ كبير في حركة الاقتصاد، وإلى أن الخروج من هذا التباطؤ سيكون بطيئا أيضا.

وعلى أساس هذه الفرضية، التي تشابه فرضيات وزارة المالية السنوية، لدى إعداد كل ميزانية عامة، قال كوهين إن اقتراح الوزارة للميزانية العامة يقضي برفع الميزانية بنسبة 5% مقارنة مع ميزانية العام الجاري- 2012، وكما يبدو فإن هذه الزيادة ستسبق التقليص الفوري على الميزانية.

وحسب كوهين فإن الزيادة ستصرف على ما التزمت به الحكومة من قبل، وبشكل خاص على جهاز التربية والتعليم، وتمويل مشروع التعليم المجاني للأطفال في عمر 3- 4 سنوات (في الروضات)، الذي بدأ العمل به جزئيا في السنوات الأخيرة.

إلا أن كوهين قال إن تكلفة المشاريع التي وضعتها الحكومة للتنفيذ تفوق الزيادة الفعلية في الميزانية بحوالي 75ر3 مليار دولار، ولهذا سيكون على الوزارة والحكومة اتخاذ تدابير لسد العجز الكبير في الميزانية العامة في العام المقبل.

فرض ضرائب

وحسب التقارير الصحافية، فإن الميزانية العامة في نهاية المطاف لن ترفع ضريبة الشركات من 25% إلى 26% بسبب رفض نتنياهو لرفع كهذا، وهذا على الرغم من أن نسبة ضريبة الشركات من العام 1996 إلى العام 2003 كانت 36%. وتقول التقديرات إن عملية رفع ضريبة الشركات بنسبة 1% فقط، من شأنها أن تؤمن مداخيل ضريبة بقيمة 700 مليون شيكل، أي حوالي 180 مليون دولار، ويدعي نتنياهو أن رفعا كهذا سينتقص من أرباح الشركات، وهذا من شأنه أن يضر بنسبة النمو الاقتصادي.

وفي المقابل وافق نتنياهو على طلب وزارة المالية رفع ضريبة المشتريات من 16% حاليا، إلى 17%، إذ أن رفعا كهذا من شأنه أن يضمن زيادة مداخيل الخزينة العامة بحوالي 033ر1 مليار دولار، وتدعي مصادر في ديوان نتنياهو أن وزارة المالية طلبت بداية رفع الضريبة الشرائية بنسبة 2% أخرى، إلا أن نتنياهو رفض.

ووفقا لمصادر حكومية، فإن وزارة المالية قد تقرر زيادة ضريبة المشتريات حتى قبل أن تنتهي السنة الحالية وهناك من تحدث عن الشهر المقبل- تموز، لكن هذا بات متأخرا، لذا من الممكن تنفيذ القرار ابتداء من شهر آب.

كما أيد نتنياهو رفع نسبة ضريبة الدخل على كافة درجات الضريبة بنسبة 1%، ورفع كهذا من شأنه أن يضمن زيادة مداخيل الضريبة بقيمة 774 مليون دولار.

إلا أنه كما جرت العادة، فإن الإعلان المبكر عن إجراءات كهذه من شأنه أن يواجه اعتراضات في الشارع وأيضا في الحلبة البرلمانية، لتقرر الحكومة لاحقا استبدال هذه الإجراءات بإجراءات تقشفية أخرى.

لكن ما سيزيد من المعارضة السياسية والشعبية لرفع الضرائب، هو قرار وزير المالية يوفال شتاينيتس تقديم تنازلات بمليارات الشيكلات للشركات التي حققت كمية أرباح ضخمة من صفقات في الخارج، وأبقتها "محتجزة" لديها، كي تبعدها عن الضرائب، رغم أن هذه الشركات حصلت على تسهيلات كبيرة في السنوات الأخيرة.

وحسب التقديرات، فإن حجم هذه الأرباح يصل إلى 31 مليار دولار، وأن معدل نسبة الضريبة المتبعة تصل إلى 25%، أي حوالي 8ر7 مليار دولار، وميزانية كهذه من شأنها أن تسد عجز أكثر من عامين في الميزانية العامة، إلا أن وزير المالية شتاينيتس عرض على الشركات دفع من 3ر1 مليار دولار إلى 6ر2 مليار دولار، شرط أن يكون الدفع خلال العام المقبل 2013 من أجل سد العجز في الميزانية العامة.

وهاجمت المعارضة الإسرائيلية وحتى أوساط اقتصادية هذا السخاء الحكومي، الذي سيكلف الخزينة العامة 2ر5 مليار دولار على الأقل، وطالبوا بالتراجع عن هذا العرض، وإلزام الشركات بدفع نسبة الضريبة كاملة عن تلك الأرباح التي ترفض الإفراج عنها.

أبحاث الميزانية

بعد أسبوعين

ومن المفترض أن تبدأ الحكومة في بحث الإطار العام للميزانية العامة في الأسبوع الأول من شهر تموز، على أن تتبع الجلسة الأولى ثلاث جلسات أخرى تنتهي في منتصف شهر آب، ومن هناك يتم صياغة الميزانية العامة لقراءتها الأولى لعرضها على الكنيست مع بدء دورته الشتوية ويتم إقرارها خلال أيام، ومن ثم تبدأ المداولات حولها لإقرارها نهائيا في الشهر الاخير من العام الجاري.

وحسب التفاصيل التي نشرت في الأيام الأخيرة، فإن وزارة المالية تقدر أن يكون حجم الضرائب في العام المقبل حوالي 221 مليار شيكل، أي ما يعادل 57 مليار دولار، وهو نفس توقعات العام الجاري 2012 بعد تقليص بحوالي 6ر2 مليار دولار.

وتتوقع الوزارة تراجعا في مداخيل الضرائب في العام المقبل، كالعام الجاري، بفعل التباطؤ الاقتصادي المتوقع أو المفترض، ولهذا فإن الحكومة ستكون مطالبة بوضع برنامج لسد العجز، من بنوده رفع الضرائب كما ذكر سابقا، إضافة إلى رفع العجز في الميزانية إلى نسبة 75ر2% من حجم الناتج العام، وهذا من شأنه أن يسد العجز المتوقع ما بين 6ر3 مليار دولار إلى 4ر4 مليار دولار.

وحسب التقديرات، فإن النمو الاقتصادي للعام الجاري سيكون 2ر3% ولكن من المتوقع أن يصل إلى 5ر3% في العام المقبل، وهذه النسبة مطابقة لمعدل النمو في السنوات العشر الأخيرة، وتبقى هذه النسبة أعلى من معدل النمو في الدول المتطورة، ولكن حسب تقرير اقتصادي ظهر في الأسابيع الأخيرة، فإن إسرائيل بحاجة إلى نسب نمو اقتصادي كتلك التي في الشرق الأقصى، خاصة في الصين والهند، أي ما بين 8% إلى 10%، إذا كانت معنية باللحاق بمستوى المعيشة ومعدل الفرد من الناتج العام القائمين في الدول الأوروبية المتطورة.

وتسعى وزارة المالية في اقتراح الميزانية العامة إلى عدم زيادة نسبة الدين العام (الداخلي والخارجي) من الناتج العام، الذي رسى في العام الماضي عند 74%، بدلا من نحو 80% حتى قبل ست سنوات. وتطمح إسرائيل للوصول إلى نسبة 60%، كمعدل الدول المتطورة في منظمة OECD، حتى العام 2020، ولكن يبدو أن الهدف الإسرائيلي في ظل الأوضاع الاقتصادية السائدة في العالم وانعكاسها على الاقتصاد الإسرائيلي سيكون صعبا.

أهداف الميزانية العامة

وتقول صحيفة "ذي ماركر" الاقتصادية إن السؤال الأكبر في هذه الميزانية سيكون ميزانية وزارة الدفاع، التي تشمل ميزانية الجيش، وهذا السؤال يطرح في كل عام، ولدى اعداد كل ميزانية، وكالعادة تظهر مطالبات عديدة لتقليص هذه الميزانية، ولكن في نهاية المطاف يجري زيادتها، كمرحلة أولى في الميزانية العامة، ومن ثم يجري رفعها تدريجيا بإضافات متفرقة، بنسبة تفوق 10% عن ميزانيتها الأصلية، التي تصل هذا العام كقبله إلى 60 مليار شيكل، أي ما يعادل 5ر15 مليار دولار، وهذا لا يشمل أكثر من 3 مليارات دولار، هي الدعم العسكري الأميركي السنوي لإسرائيل، والذي زاد هذا العام بأكثر من 300 مليون دولار.

وعن ميزانية العام المقبل، تقول الصحيفة نفسها إن المطروح حاليا ثلاثة سيناريوهات، أولها مطلب وزير المالية يوفال شتاينيتس تخفيض ميزانية وزارة الدفاع بنحو 530 مليون دولار، وهو السيناريو الأبعد ولا يوجد احتمال لتطبيقه، في حين يتوقع مسؤولو وزارة المالية، وفق السيناريو الثاني، رفع ميزانية وزارة الدفاع، كحل وسط، بنحو 780 مليون دولار، أما السيناريو الثالث، فهو مطلب وزير الدفاع إيهود باراك، زيادة ميزانية وزارته بما بين 3ر1مليار دولار إلى 8ر1 مليار دولار، وهذا عدا الإضافات التي تضاف تباعا خلال العام، كما جرت العادة على مر السنوات السابقة.

وحسب الصحيفة ذاتها، فإن من الأهداف التي ستضعها الحكومة فتح أماكن عمل جديدة خاصة لجمهور الأصوليين اليهود والنساء العربيات، كون أن نسبة مشاركة هذين القطاعين في سوق العمل تعتبر الأدنى، ولكن في حين أن نسبة مشاركة الرجال الأصوليين في سوق العمل هي 39%، وهي ناجمة عن امتناع إرادي لدوافع دينية، فإن نسبة مشاركة النساء العربيات هي حوالي 30% وأقل، ونابعة أساسا من فقدان فرص عمل، وهذا ما باتت المؤسسة الرسمية تعترف به تدريجيا.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات