المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

نسبة التصويت قد تكون أكثر من 67%، لكنها قد لا تتعدى في أحسن الأحوال 75% كمعدل قطري، في حين ستكون هذه النسبة منخفضة، على الأرجح، في صفوف الكثير من المحسوبين على التيار اليساري في إسرائيل عامة، وفي صفوف العديد من أصحاب حق الاقتراع العرب بشكل خاص..

كتب: وديع أبونصار

أشارت بعض استطلاعات الرأي التي نشرت مؤخرا إلى وجود نحو 20% من أصحاب حق الاقتراع في الانتخابات المقبلة للكنيست الإسرائيلي السادس عشر ما زالوا مترددين لمن سيصوتون. ويستدل من استطلاع الرأي الذي نشرته صحيفة "معريف" (25 كانون الثاني) أن 67% فقط من أصحاب حق الاقتراع صرحوا بأنهم متأكدين 100% بأنهم سيتوجهون إلى صناديق الاقتراع في يوم الانتخابات.

على رغم هذه النسب المرتفعة من المترددين، إلا أن التوقعات ترى أن نسبة التصويت قد تكون أكثر من 67%، لكنها قد لا تتعدى في أحسن الأحوال 75% كمعدل قطري، في حين ستكون هذه النسبة منخفضة، على الأرجح، في صفوف الكثير من المحسوبين على التيار اليساري في إسرائيل عامة، وفي صفوف العديد من أصحاب حق الاقتراع العرب بشكل خاص.

الجدير بالذكر أن الكثير من التقديرات تشير إلى أن نسبة التصويت في الوسط العربي قد تكون نحو 65% وهي أدنى يما يزيد عن 10% من معدل المشاركة العربية في الانتخابات للكنيست الذي يتراوح ما بين 75% و80%.

هناك تأثير كبير على نتائج الانتخابات لارتفاع نسبة التصويت. فكلما قلّت نسبة التصويت كلما قل عدد الأصوات التي ستحتاجها القوائم المتنافسة في الانتخابات للحصول على مقاعد في الكنيست من جهة، لكن أثر نسبة التصويت أكبر عندما يتم الحديث عن نسبة تصويت منخفضة في فئات دون أخرى، من جهة ثانية. ففي المعركة الانتخابية الراهنة تدل المعطيات المتوفرة إلى احتمال تراجع نسبة المصوتين لدى اليسار عامة ولدى العرب خاصة، مما قد يعني تعميق الهوة بين معسكر اليمين ومعسكر اليسار في الكنيست السادس عشر، الذي سينتخب يوم الثلاثاء القادم، حيث تشير العديد من التقديرات إلى وجود الآلاف من أصحاب حق الاقتراع الذين مازالوا مترددين في كيفية التصويت إلى درجة تجعل البعض منهم يفكر في عدم التوجه كليا إلى صندوق الاقتراع في يوم الانتخابات، إضافة إلى وجود عدد لا بأس به من الذين يودون مقاطعة الانتخابات لأسباب مبدئية.

إن امتناع آلاف المصوتين المحسوبين على التيار اليساري من التوجه إلى صناديق الاقتراع من شأنه أن يؤدي إلى خسارة معسكر اليسار (الذي يشمل حزب العمل في طرفه اليميني وحتى الأحزاب العربية في طرفه اليساري) ما لا يقل عن عشرة مقاعد في الكنيست المقبل، ناهيك عن خسارة هذا المعسكر عامة وحزب العمل خاصة لآلاف الأصوات الأخرى التي ستذهب على الأرجح لحزب "شينوي" العلماني الذي قد يشارك في حكومة ذات توجهات يمينية برئاسة أرئيل شارون.

ويعود هذا التردد لدى الكثير من المحسوبين على التيار اليساري بالأساس بسبب فقدان الأمل بالنجاح، بالذات عقب استطلاعات الرأي التي تشير إلى تراجع مطرد في عدد المقاعد التي قد يحصل عليها حزب العمل ومعسكر اليسار من جهة، وبسبب الاعتقاد بأن أرئيل شارون سيكون رئيس الحكومة المقبلة، التي لن تختلف بصورة جوهرية عن حكومته الحالية. ويرى بعض المترددين وأولئك الذين قرروا عدم المشاركة في التصويت بأن مصداقية أعضاء الكنيست خاصة وساسة إسرائيل عامة في الحضيض، وبأنهم لا يرون أنفسهم متعاطفين مع أي من الأحزاب والقوائم المشاركة في الانتخابات الخالية، بالرغم من أن عدد هذه القوائم يصل إلى 26 قائمة، بعد انسحاب قائمة "با غاد"!

إضافة إلى هذه العوامل التي تؤدي إلى تردد الكثير من أصحاب حق الاقتراع حيال المشاركة أو عدم المشاركة في التصويت، فإن هناك ما يميز صاحب حق الاقتراع العربي عن غيره من الناخبين. فمن جهة، يعاني العربي أكثر من غيره جراء الوضع الراهن في اسرائيل، مما يدفع البعض إلى الرد بصورة عاطفية من خلال مقاطعة الانتخابات بحجة "أن لا أحد يجيد تمثيلنا في الكنيست"، موجهين التهم لجميع أعضاء الكنيست من عرب ويهود بأنهم "منتفعون ولا يعملون لمصالح الجماهير العربية". ومن جهة أخرى، قامت قبل بضعة أسابيع حركة عربية أطلقت على نفسها اسم "الحركة الشعبية لمقاطعة الانتخابات"، تقف وراءها بالأساس حركة "أبناء البلد" العلمانية التي تدعو إلى إقامة دولة ثنائية القومية على أرض فلسطين الانتدابية، والتي انضم إليها، وإن كان ذلك بصورة غير معلنة، العديد من عناصر الجناح الشمالي للحركة الإسلامية في إسرائيل الذي يتزعمه الشيخ رائد صلاح.

هذه العوامل مشتركة تدعونا إلى الاعتقاد بأن نسبة التصويت في صفوف أولئك المحسوبين على التيار اليساري في إسرائيل عامة ولدى المواطنين العرب خاصة ستكون، على الأرجح، أدنى من معدلها في الانتخابات السابقة للكنيست، مما قد يزيد معسكر اليمين قوة في الكنيست المقبل.

المصطلحات المستخدمة:

الكنيست, شينوي, رئيس الحكومة

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات