المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

عندما يعلن شارون اليميني تمسكه بحكومة وحدة، فانه يخفف من حدة التشدد في صورته العامة، ويقوم بتهدئة مخاوف الناخبين من الوسط. وعندما يصرح متسناع انه لن ينضم ابدا الى حكومة وحدة، فانه يفعل العكس تماما: بدلا من التخفيف من حدة صورته اليسارية، يقوم بتثبيتها. وبذلك فانه يعزز التحفظ والنفور منه في اوساط ناخبي الوسط. وحتى لو امكن العثور على منطق سياسي في اساس اجراء متسناع المعادي للوحدة، يبدو ان الجمهور الاسرائيلي يستصعب ان يفهم هذه المعادلة المقلوبة بالمقلوب!

مؤتمران صحفيان كانا في مركز الأحداث السياسية في الاسبوع المنصرم: الأول لرئيس الوزراء الاسرائيلي ارئيل شارون، الذي انقطع بثه المباشر على الهواء بقرار من رئيس لجنة الانتخابات المركزية ميشيل حيشين، والثاني لرئيس حزب "العمل" عمرام متسناع واعضاء كتلته، وفيه قطع مرشح "العمل" لرئاسة الحكومة على نفسه عهدا بعدم الانضمام الى حكومة وحدة يرئسها شارون.وبموجب معطيات استطلاع "ديالوغ"، الذي اشرف عليه البروفيسور كميل فوكس، فقد حقق المؤتمر الصحفي الاول اهدافه: توقف هبوط "الليكود" وبدأ الناخبون مشوار "العودة الى البيت". اما المؤتمر الصحفي الثاني فقد أخفق، الى الان: خلال اسبوع خسر "العمل" 3 – 4 مقاعد، هو نفس عدد المقاعد التي استرجعها "الليكود" في هذا الاستطلاع. وكلما اقتربت الانتخابات كلما بدا ان متسناع لا يبدو للاسرائيليين كرئيس حكومة، و "العمل" لا يبدو لهم كبديل حقيقي للسلطة.

كانت استطلاعات الاسبوع الماضي بالذات، التي اشارت الى تقلص دراماتيكي في الهوة بين الحزبين الكبيرين "الليكود" و "العمل"، نوعا من العلاج بالصدمة لناخبي "الليكود". فأعضاء "الليكود"، الذين تركوا بيتهم بسبب الفساد، أذهلهم ما شاهدوه في الصحف. ادركوا انهم لو واصلوا التردد، فمن الممكن أن يجدوا انفسهم يتوجون متسناع رئيساً للحكومة. لم يكن ذلك احساس "الليكوديين" وحدهم. ناخبو الوسط ايضا، الذين لم يسبق لهم ان صوتوا "ليكود"، سألوا انفسهم ما اذا كان بالامكان الاعتماد على متسناع، وما اذا كان يصح ان يتسلم قيادة الدولة. اجابتهم، حتى هذه اللحظة، سلبية. احد عشر يوما على انتخابات البرلمان السادس عشر، تبدو اللعبة منتهية: كتلة "الليكود"، اليمين والحرديم تعدّ ما بين 64 – 65 مقعدا. وكتلة اليسار، التي تشمل "العمل"، "ميرتس"، القوائم العربية و "عليه يروق"، تقف الان عند حدود 37 – 38 نائبا، وكتلة الوسط ("شينوي" و "عام إحاد"): 17 مقعداً.

فشل كامبين "العمل" في وضع جدول أعمال، وفي كل المواضيع: فكرة الجدار الفاصل لم تجد من يشتريها، وملفات الفساد لا تحسن الى "العمل"، كذلك الحال بالنسبة للموضوع الاقتصادي، الذي لم يعتن به "العمل" البتة، وهناك من يقول ان متسناع امكنه الحصول في هذا المجال على مقعد او اثنين. ولم تساعد مواقف متسناع "اليسارية" في تحريك الناخبين باتجاه "العمل". الناخبون يريدون مرشحا مركزيا. بهذه الطريقة انتخب اسحاق رابين في العام 1992، وهكذا انتخب ايهود باراك في العام 1999. ثم ان ارئيل شارون، اليميني، يتجه كل الوقت يسارا، نحو الوسط. اما متسناع، "اليساري"، فبدلا من ان يتجه يمينا، الى الوسط، يمضي كل الوقت نحو اليسار.

عندما يعلن شارون اليميني تمسكه بحكومة وحدة، فانه يخفف من حدة التشدد في صورته العامة، ويقوم بتهدئة مخاوف الناخبين من الوسط. وعندما يصرح متسناع انه لن ينضم ابدا الى حكومة وحدة، فانه يفعل العكس تماما: بدلا من التخفيف من حدة صورته اليسارية، يقوم بتثبيتها. وبذلك فانه يعزز التحفظ والنفور منه في اوساط ناخبي الوسط. وحتى لو امكن العثور على منطق سياسي في اساس اجراء متسناع المعادي للوحدة، يبدو ان الجمهور الاسرائيلي يستصعب ان يفهم هذه المعادلة المقلوبة بالمقلوب! النتيجة هي ان المترددين تجاه "العمل" – "شينوي" الراغبين بالوحدة، لن يصوتوا مع "العمل". والمترددون بين "العمل" و "ميرتس" غير الراغبين بالوحدة، سينتخبون "ميرتس". ذلك لا يتم حسب الخطة، ولكن هذا هو الوضع.

في حقيقة الامر، كان الدافع الى الخطوة المعادية للوحدة كامن في رغبة متسناع الشخصية بالبقاء. في اللحظة التي ادرك فيها الرجل – وهناك من يقول ان الامر حسم في جلسة ببيته في حيفا – ان كتلة اليسار لا تكبر اكثر من حجمها الحالي، قرر الذهاب على توسيع حزبه حتى لو تم ذلك على حساب الكتلة اليسارية كلها. والفكرة بسيطة: مع عشرين مقعدا لحزبه، يمكن لمتسناع ان يجد نفسه مطاحا به في اليوم التالي على ظهور نتيجة الانتخابات. ومع 24 مقعدا، قد ينجو من هذا المصير ويحصل على فرصة اخرى.

يظهر استطلاع "ديالوغ" ان التزام "العمل" بعدم الانضمام الى حكومة الوحدة لم يقنع الجمهور. وقد اجاب 58% من المشتركين في الاستطلاع انهم لا يصدقون هذه التصريحات. حتى 30% من ناخبي "العمل" لا يصدقون قيادتهم. ولماذا يثقون بهذه القيادة ما دام بنيامين بن اليعيزر يضع الشروط للوحدة (الجدار الفاصل والعملية السياسية؟) وافرايم سنيه يقول انه يحظر في أي حال من الاحوال ان تقول لن يحدث ذلك ابدا؟!

على الرغم من ذلك كله، هناك بصيص من الامل امام "العمل"، وهو كامن في المعطى التالي: ان 12،5% من ناخبي "شينوي" يقولون ان تصريحات متسناع قد تضاعف من احتمالات تصويتهم لحزب "العمل". بحساب سريع، هذه فئة تشكل مقعدا او اثنين تقريبا ومن المحتما ان تتحرك نحو "العمل"، وقد لا تفعل ذلك. ولدى اصحاب "الاصوات العائمة" ايضا يختفي مقعد واحد قد يتجه نحو "العمل".

اذا كانت هذه الحسابات صحيحة، واذا لم تحدث تطورات غير متوقعة، فسيحصل "العمل" على 22-23 مقعدا. يشترك في هذه التقديرات ايضا مسؤولو الانتخابات في الحزب.

في هذه الاثناء يسجل "ميرتس" تعزيزا لقوّته، ويتواصل تعزز قوة "الاتحاد القومي"، وحتى "يهدوت هتوراه" يحصل لأول مرة على مقعد سادس جاءه من "شاس".

هناك توجه واضح للهبوط لدى "شينوي"، الذي وصل الاوج مع 17 مقعدا. هذا الحزب الذي يرمز اساسا الى مزاج اسرائيلي عام قد يواصل هبوطه كلما اقتربت الانتخابات. وردا على السؤال "ما هي نسبة الثقة في ان تصوت لصالح الحزب الذي ذكرته الان؟"، قال 62% فقط من ناخبي "شينوي" انهم واثقون بالتصويت لهذا الحزب. هذه نسبة منخفضة جدا وتشير الى "هشاشة" حزب "شينوي" لدى جمهور الناخبين. للمقارنة، اكثر من 80% من ناخبي "الليكود" و "العمل" واثقون بأنهم سيصوتون لاحزابهم.

الثقة التامة في التصويت – 100% - كانت من نصيب "عليه يروق"، الذي قد يحصل على مقعدين في البرلمان السادس عشر. قد يكون "الغراس" (الماريحوانا) تمس الذاكرة والتركيز، لكنها لا تضر بالوفاء!

المصطلحات المستخدمة:

الليكود, شينوي, باراك, الكتلة

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات