صادقت الحكومة الإسرائيلية، في اجتماعها المنعقد في أواخر تشرين الأول الماضي، على تعيين اللواء هرتسي هليفي في منصب قائد الأركان العامّة للجيش الإسرائيلي، وسيصبح بالتالي القائد الثالث والعشرين لهذا الجيش.
وتسلّم هليفي مهام منصبه يوم 16 كانون الثاني الحالي في مراسم احتفاليّة، وختمَ الجنرال أفيف كوخافي فترة أربع سنوات في قيادة الأركان العامّة، اعتبرت فترة محتدمة ولا سيما في الأراضي المحتلة منذ 1967.
فترة هليفي قد تكون هي أيضاً محتدمة خصوصاً مع تشكّل حكومة يمينيّة من ألفها إلى يائها قد تطمع في الضفّة الغربيّة علناً وتتحضّر لضمّ مساحات واسعة، ولديها مخطّط في تحطيم "الإرهاب الفلسطينيّ" وإخضاعهِ.
قبل أن ينتهي الأسبوع الثالث من بدء عمل حكومة بنيامين نتنياهو، اصطدمت الحكومة بجوانب إشكالية في اتفاقيات الائتلاف، التي ضمنت تشكيل الحكومة، خاصة في مسألة تعيين المدان بالفساد المالي آرييه درعي (شاس) وزيرا، وهو ما رفضته المحكمة العليا؛ وأيضا تعقيدات توزيع الصلاحيات في وزارة الدفاع، التي تسببت في نهاية الأسبوع الماضي بصدامات بين ثلاثة وزراء، في مشهد غير مسبوق، حول إخلاء بؤرة استيطانية. وفي الميدان تتسع المظاهرات في المدن الكبرى، ضد مخطط ضرب صلاحيات المحكمة العليا؛ وبموازاة كل هذا، فإن تقرير التضخم المالي، وتقرير الفقر الرسمي، الصادرين في الأيام الأخيرة، يعكسان عمق الأزمة الاقتصادية على مستوى الجمهور العام.
شكّل قيام الكنيست الإسرائيلي، يوم 9 كانون الثاني 2023، بإقرار مشروع قانون تمديد العمل بأنظمة الطوارئ التي تطبّق القانون الإسرائيلي على أراضي الضفة الغربية (والمعروف باسم قانون الأبارتهايد) بالقراءة الأولى، فرصةً لمزيد من توضيح ما لا ننفك نؤكده وهو أن الجدل المحتدم هذه الأيام، على خلفية تأليف الحكومة الأكثر تطرّفاً وتديناً في تاريخ إسرائيل، يخصّ بالأساس قضايا داخلية ولا ينطوي على خرق لتخوم شبه الإجماع حيال القضية الفلسطينية والموقف من الفلسطينيين في الداخل، وهو شبه إجماع يسم الأغلبية الساحقة من الأحزاب الإسرائيلية التي حظيت بتمثيل في الكنيست الحاليّ.
يشهد الشارع الإسرائيلي في الأيام الأخيرة مظاهرات كبيرة، منها ما ضم عشرات الألوف حسب التقديرات، ضد حكومة بنيامين نتنياهو الجديدة، والعنوان الأبرز لهذه المظاهرات هو "الدفاع عن الديمقراطية"، وضد "الانقلاب المخطط على نظام جهاز القضاء"، وفق التعبير. وهذا المشهد يطرح سؤال حول مدى تأثير هذه المظاهرات على ثبات الحكومة؟ وهل هذه المعارضة هي معارضة حقيقية لكل سياسات الحكومة؟ وأولها شكل التعامل مع الضفة والقدس المحتلة، ومبادرات قمع حرية العمل السياسي، أم أنها ستقتصر على معارضة الضرر الذي سيلحق بقطاعات معينة من الجمهور اليهودي؟
وصل عدد مخالفات السير التي حررتها الشرطة الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية في النصف الأول من العام 2021 (أي في مدة ستة أشهر فقط) إلى نحو 29283 مخالفة، علماً بأن معدل تكلفة المخالفة الواحدة يصل إلى نحو 500 شيكل. في تقرير نشره مكتب مراقب الدولة في إسرائيل أشار إلى أن حجم المخالفات المحررة بحق الفلسطينيين وحدهم، والتي عجزت الشرطة الإسرائيلية عن جبايتها، وصل إلى نحو 270 مليون شيكل بين العامين 2014 و2021. تستعرض هذه المقالة عمل جهاز الشرطة الإسرائيلية في الضفة الغربية، وتلخص التوصيات التي رفعها مكتب مراقب الدولة في العام 2022 بهذا الشأن.
أعلن وزير العدل الإسرائيلي ياريف ليفين (الليكود) يوم الأربعاء الماضي (4/1/2023) عن "خطة إصلاح" شاملة وواسعة النطاق ومثيرة للجدل بشأن النظام القانوني والمنظومة القضائية في إسرائيل، والتي في حال إقرارها، ستكون بمثابة أكثر التغييرات جذرية على الإطلاق في نظام الحكم في إسرائيل.ومن المتوقع أن تؤدي التغييرات التي حدّدها ليفين خلال مؤتمر صحافي في الكنيست، إلى الحدّ بشدّة من سلطة محكمة العدل العليا، وإلى منح الحكومة الإسرائيلية السيطرة على لجنة اختيار القضاة، وإلى الحدّ بشكل كبير من سلطة المستشارين القانونيين للحكومة والوزارات المختلفة.
الصفحة 112 من 611