نظراً إلى أننا نوشك أن نطوي عاماً ميلادياً آخر، ارتأينا أن تكون مواد هذا العدد من "المشهد الإسرائيلي" متمحورة أكثر شيء من حول آخر ممارسات اليمين الإسرائيلي الحاكم والمتحكّم والتي طبعت بميسمها وقائع الأشهر الاثني عشر من العام المنقضي. وهي ممارسات تصب بالأساس في تحقيق غاية تكريس "إسرائيل الثالثة"، وفقاً لتسمية الزميلة هنيدة غانم والتي أمست تتسم، وفقما تشير، بأمرين: الأول، على صعيد بنى الأحزاب، يتمثل بانتهاء عهد الأحزاب الكبيرة وصعود أحزاب الوسط والأحزاب الصغيرة والتحول من نظام الحزبين إلى نظام التيارات/ الكتل التي يغلب عليها الآن التيار اليميني - الاستيطاني - الديني - الحريدي. والثاني، على صعيد الخطاب، يتجسّد بهيمنة الخطاب اليميني الاستيطاني النيوليبرالي الشعبوي القومجي المُشبع بالمفردات الدينية، ويأتي ذلك بسبب صعود تدريجي لقوة جديدة هي فئة المستوطنين الكولون في الأراضي المحتلة منذ 1967 والذين يشكلون اليوم 10 بالمئة من سكان إسرائيل ويتمتعون بقوة كبيرة في مواقع اتخاذ القرارات بسبب انهيار منظومة الحزبين وصعود منظومة الكتلة/ التيار.
تبنى المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية- الأمنية (الكابنيت)، في جلسة خاصة عقدها صباح أمس الاثنين، توصية المستشار القانوني للحكومة، أفيحاي مندلبليت، التوجه إلى "محكمة العدل العليا" الإسرائيلية بطلب إجراء بحث إضافي، مجدد، في مسألة احتجاز جثامين شهداء فلسطينيين "لغرض المساومة في المفاوضات"، مؤكدا إصرار الحكومة الإسرائيلية على مواصلة احتجاز تلك الجثامين ومهددا بالمبادرة إلى تشريع قانون جديد يتيح لها ذلك، رسميا وقانونيا، من خلال تجاوز قرار المحكمة العليا الأخير الذي منع الحكومة من مواصلة احتجاز الجثامين.
وصفت مصادر رفيعة في ائتلاف اليمين الحاكم في إسرائيل الأجواء السائدة هذه الأيام بين الأحزاب المكونة للائتلاف الحكومي وفي داخلها بأنها "أجواء تصفيات نهاية الموسم"! التي تؤشر إلى اقتراب "نقطة اللاعودة"، المتمثلة في اضطرار الحكومة الحالية وشخص رئيسها، بنيامين نتنياهو، تحديدا، إلى تقديم الاستقالة القسرية والذهاب إلى انتخابات برلمانية مبكرة "قد لا يكون أي من الشركاء في هذه الحكومة معنيا حقا بخوضها الآن"، كما أكدت المصادر ذاتها.
توجه عشرة مواطنين فلسطينيين بواسطة المحامية نوعا ليفي من اللجنة العامة لمناهضة التعذيب مطالبين بفتح تحقيق جنائي ضد عناصر شرطة قاموا باقتحام باحات المسجد الأقصى واستخدام شتى وسائل الاعتداءات التي شملت القنابل الصوتية والرصاص الأسفنجي والركلات والقبضات والإذلال والاهانات المنهجية.
بعد أيام من التوتر والمظاهرات في القدس الشرقية المحتلة، تمت إزالة أجهزة الفحص المعروفة بـ"البوابات الالكترونية"، يوم الخميس 27.7.2017، وجرى كذلك تفكيك الحواجز العسكرية عند مداخل الموقع. للتذكير: فقد شرعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في 16 تموز 2017، بتركيب بوابات إلكترونية على بوابات البلدة القديمة في القدس المحتلة. كان ذلك كما اتضح لاحقاً تنفيذاً لقرار شارك فيه بشكل رئيس بنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة الإسرائيلية، رداً على عملية إطلاق نار نُفذت داخل باحات المسجد الأقصى، قتل فيها شرطيان إسرائيليان، وثلاثة شبان فلسطينيين. وشمل القرار "وضع أجهزة كشف المعادن في مداخل المسجد الأقصى، ونصب كاميرات خارج الحرم، لمراقبة ما يدور فيه"، كما جاء في بيان صدر عن مكتب نتنياهو.
اشتدت في الأسابيع الأخيرة حالة الصدام القائمة بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وفريقه من جهة، والجهاز المؤسساتي الرسمي في الحكم من جهة أخرى، على ضوء مسعى نتنياهو للسيطرة كليا على كبرى الوظائف والمسؤوليات في مؤسسات الحكم، من خلال تعيينات مباشرة، رغم أن بعض تعييناته لا تسير بالتلم معه. ويجد نتنياهو أحيانا دعما في ائتلافه، الذي يتصرف بعض أقطابه بنهج مشابه، إلا أنه اصطدم أكثر من مرّة مع أقطاب الائتلاف حول مشاريع قوانين إدارية يسعى لها نتنياهو والنواب الموالون له.
الصفحة 328 من 611