المشهد الإسرائيلي

- التفاصيل
- 971
أطلق "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، هذه الأيام، شريطاً مُصوّراً استأنف فيه على مفهوم "تقليص الصراع مع الفلسطينيين"، الذي تتبناه الحكومة الإسرائيلية الحالية، ولا سيما يتبناه رئيسها نفتالي بينيت، حيال قضية فلسطين.
وكان مركز مدار، من خلال الزميل الباحث وليد حبّاس، أول من توقف عند هذا المفهوم، وقرأ خلفياته ومكامنه، واستشرف أبعاده، من خلال عددٍ من المقالات، وعبر إصدار خاص ضمن سلسلة "أوراق إسرائيلية" ("أوراق إسرائيلية" 75: في مفهوم "تقليص الصراع ".. الخلفية، الغايات والمآلات، إعداد وتقديم: وليد حبّاس، تشرين الثاني 2021).
ومع أن استئناف المعهد المذكور يمكن أن يندرج ضمن دلالة الانحياز إلى مفهوم تسوية الصراع، وعلى أساس حل الدولتين تحديداً، فإن ما ينبغي توكيده بادئ ذي بدء هو أن هذا الانحياز لا يأتي البتة من منطلق التأييد أو التعاطف مع قضية فلسطين العادلة، وإنما بالأساس، وعلى نحو يبدو شبه مطلق، بسبب الخوف على مستقبل إسرائيل كـ "دولة يهودية وديمقراطية".

- التفاصيل
- 563
يبدو أن قلائل انتبهوا إلى أن ما أسمي بـ "اجتماع النقب" الذي عقد في كيبوتس "سديه بوكر"، في صحراء النقب الجنوبيّة، يوم 28 آذار 2022، وحضره وزراء خارجية كل من إسرائيل والولايات المتحدة ومصر والمغرب والإمارات العربية المتحدة والبحرين، تزامن مع مرور 20 عاماً على إقرار مبادرة السلام العربية في ختام القمة العربية التي عقدت في بيروت في أواخر آذار 2002، وكذلك مع مرور 15 عاماً على إقرار هذه المبادرة مُجدّداً من طرف الدول العربية في قمة أخرى عقدت في العاصمة السعودية الرياض، في نهاية شهر آذار 2007.
وأولئك الذين انتبهوا إلى هذه المسألة، سواء من العرب أو من الإسرائيليين، فعلوا ذلك كي يخلصوا إلى نتيجة متشابهة فحواها أن "اجتماع النقب" يدلّ بوضوح، من بين أمور أخرى، على أن القادة العرب قد نسوا هذه المبادرة تماماً، ولم يعودوا يلزمون أنفسهم بها، بل ورُبّما باتوا مسلّمين بأنها أصبحت غير قابلة للإحياء أو حتى إعادة الترميم، وكذلك باتوا مسلّمين بأن إسرائيل نجحت في أن تجهضها، وهي التي لم تقبلها بشكل مطلق، ولم ترفضها رفضاً باتاً.

- التفاصيل
- 636
اهتم عدد من وسائل الإعلام الإسرائيلية، خلال الفترة القليلة الماضية، بكتاب صادر حديثاً هو عبارة عن مذكرات شخصية من تأليف يولي نوفيك، المديرة العامة السابقة لمنظمة "فلنكسر الصمت"، بعنوان "من أنتِ أصلاً". وسردت فيه بعض أحلامها وهواجسها، ولكن الأهم أنها كشفت النقاب عما يمكن وصفه بأنه "صندوقها الأسود" الذي تحمله في داخلها، ويحتوي على مفاعيل القمع المتعمّد الذي قامت به إسرائيل ضد منظمات حقوق الإنسان عبر أساليب خسيسة يصعب حصرها ليس أبسطها محاولة التدمير الذاتي لمن ينشطون في هذه المنظمات، بموازاة زرع إحساس بالعجز الدائم أمام القوى المتسلّطة.
يعيد هذا الكتاب إلى الجدل وربما إلى صدارة الاهتمام مسألتين مُهمتيّن من شأنهما توضيح الصيرورة التي آلت إليها إسرائيل في الوقت الراهن، ولا سيما تحت تأثير الأعوام التي كانت فيها تحت حكم بنيامين نتنياهو والتي استمرت من 2009 وحتى 2021.
المسألة الأولى ترتبط بمنظمة "فلنكسر الصمت" تحديداً. فقد بدأت هذه المنظمة نشاطها في كشف ممارسات الاحتلال الإسرائيلي في أراضي 1967 في العام 2004 وذلك من خلال معرض صور لعدد من الجنود الإسرائيليين الذين أدوا خدمتهم العسكرية في مدينة الخليل إبان الانتفاضة الفلسطينية الثانية. وكان المبادر إلى تنظيم المعرض يهودا شاؤول الذي أدى خدمته العسكرية في الفرقة 51 التابعة للواء "ناحل" في الخليل، بداية كجندي ومن ثم كقائد للفرقة.

- التفاصيل
- 505
من الأمور التي أبرزتها الحرب الروسية على أوكرانيا بالنسبة إلى إسرائيل، تمسّك هذه الأخيرة بما يُعرف باسم "قانون العودة" والدفاع عن طابعه العنصري والتشبّث بأمراسه.
هذا الأمر تجسّد أكثر شيء في الإجراءات المتعلقة باستقبال الفارّين من جحيم الحرب في أوكرانيا الذين طلبوا حق اللجوء في إسرائيل، بقدر ما تجسّد في تصريحات المسؤولين الذين كرّروا أهمية القانون والخطورة المترتبة على عدم تطبيقه لمستقبل إسرائيل كدولة يهودية في المشرق العربي، ولا سيما في المنطقة الواقعة بين النهر والبحر، كما فعل مثلاً المسؤول عن سلطة السكان والهجرة التابعة لوزارة الداخلية، تومر موسكوفيتش، في سياق مقابلة أجرتها معه صحيفة "يديعوت أحرونوت" في نهاية الأسبوع الفائت اعتبر فيها نفسه أحد حراس حدود "الدولة اليهودية" التي لا وجود أي مستقبل لها من دون الالتزام الصارم بتطبيق "قانون العودة"، مشدّداً على أن إسرائيل أقيمت بالأساس من أجل هذه الغاية، ولا ينبغي أن تفقد بوصلتها.

- التفاصيل
- 799
من المرجّح أن ترافقنا فترة طويلة التحليلات المتعلقة بالتحوّلات السياسية التي ستسفر عنها الحرب الروسية ضد أوكرانيا أو ما بات يُعرف بـ"الأزمة الأوكرانية"، ولا سيما بعد أن تخفت حدّة ألسنة اللهب.
ومن المؤكد أن هذه التحولات ستنطوي على انعكاسات تتعلق بمنطقة الشرق الأوسط، وسيكون لها تأثير في إسرائيل.
ويبدو أن التأثير بالنسبة إلى إسرائيل سيكون إلى درجة كبيرة رهن سلوكها حيال الحرب وتداعياتها، ولا سيما موقفها من روسيا والذي لا ينطوي حتى الآن على جانب مُعلن من الصدامية، كي لا نقول إنه منطوٍ على قدرٍ من الممالأة.
فهمُ هذا الموقف الإسرائيلي يتطلّب قراءة مُجدّدة لتاريخ العلاقات بين الدولتين منذ انهيار الاتحاد السوفييتي العام 1991، كون قراءة كهذه قادرة على وضع الأمور في نصابها وسياقاتها. ومن أجل ذلك سنستعين بمواد نُشرت سابقاً في "المشهد الإسرائيلي".
بداية لا بُدّ من التذكير بأن العلاقات الثنائية بين البلدين شهدت تقلبات حادّة، بدأت مع دعم غير محدود قدمه الاتحاد السوفييتي السابق إلى دولة إسرائيل، عشية قيامها ولدى تأسيسها في العام 1948. ولكن رئيس الحكومة الأول في إسرائيل، ديفيد بن غوريون، اختار في بداية الخمسينيات اعتبار إسرائيل جزءا من "معسكر الدول الديمقراطية الغربية" فأخذت السياسة الإسرائيلية بالتقرب إلى الدول الغربية، وفي مقدمها الولايات المتحدة، والابتعاد عن الاتحاد السوفييتي تدريجياً، حتى الانحياز الإسرائيلي التام إلى المعسكر الغربي. وفي شباط 1953، وقعت عملية تفجيرية في الممثلية السوفييتية في تل أبيب، فكان الرد السوفييتي قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل.

- التفاصيل
- 519
تمثّل أول استنتاج إسرائيلي من اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا في أن وقائعها أعادت إثبات مفعول العقيدة الأمنية الإسرائيلية والتي فحواها أنه في كل ما يتعلق بأمن إسرائيل لا يمكنها وإلى الأبد سوى أن تعتمد على نفسها وعلى قوة ذراعها العسكرية. وسبق أن نوهنا في أكثر من مناسبة بأن هذه الخلاصة كانت بمثابة فنارٍ اهتدى به جميع زعماء إسرائيل، بدءاً من ديفيد بن غوريون وصولاً إلى الزعماء الحاليين.
وقد تكرر هذا الاستنتاج منذ قيام إسرائيل مرات من الصعب حصرها، غير أن الأمر الأكثر جدة في الفترة الأخيرة هو إعادة تكراره حتى فيما يتعلق بالعلاقة الخاصة مع الولايات المتحدة. وقد بدأ التشديد عليه منذ ظهور أول ملامح سياسة الانسحاب من منطقة الشرق الأوسط التي شرع في انتهاجها الرئيس السابق باراك أوباما واستمر فيها خلفه دونالد ترامب. وكانت آخر هذه المرات بالتزامن مع الانسحاب الأميركي من أفغانستان في صيف 2021، وقبلها بالتزامن مع تنفيذ قرار سحب القوات الأميركية من شمال سورية في خريف 2019 إبان ولاية ترامب. وفي ذلك الوقت وصف هذا القرار الأخير، من طرف محللين إسرائيليين، بأنه جزء من نهج تقويض السياسة الأميركية التقليدية في الشرق الأوسط والذي أطلقه أوباما، وكانت الإشارة الأولى له هي خطابه أمام الكلية العسكرية "ويست بوينت" الذي أعلن فيه أن أميركا ستنقل "محور سياستها" من الشرق الأوسط إلى الشرق الأقصى. وكانت الخطوة التالية هي الاتفاق النووي الإيراني "الذي من أجله كان أوباما مستعداً لأن يتجاهل بصورة شبه تامة مصالح حلفاء الولايات المتحدة التقليديين في المنطقة"، برأي عدد من هؤلاء المحللين. وتمثل الإثبات القاطع على تغيير السياسة الأميركية في قرار أوباما نقض تعهده بالرد بقوة في حال إقدام الرئيس السوري بشار الأسد على استخدام الأسلحة الكيميائية ضد المتمردين في سورية، ولذا جرى تحميله، من طرف جهات إسرائيلية، ولو بصورة جزئية، المسؤولية عن استمرار حمام الدم وعن تعاظم الوجود الروسي والإيراني في أرض سورية.