لا يخفى حتى على أشدّ الراغبين في تسريع وتعميق التطبيع أن هناك غمامة قاتمة تسيطر على العلاقات الثنائية بين الأردن وإسرائيل. والسبب كما يتفق مراقبون كُثُر هو مجمل السياسة الإسرائيلية العدوانية التي تقودها وتطبقها حكومات اليمين برئاسة بنيامين نتنياهو في العقد الأخير، وخصوصاً ما يتعلّق بالقدس ومكانتها وهويتها، التي يحظى الأردن بمكانة خاصة في إدارة أوقافها.
أصدرت منظمة "بتسيلم" (مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة) تقريراً جديداً استهجنت فيه موافقة المحكمة العليا على قيام إسرائيل باحتجاز جثامين فلسطينيين لـ"غرض التفاوض"، وأشارت إلى أن المحكمة أكدت مرة أخرى بهذه الموافقة أنها ذراع للاحتلال الإسرائيلي لا أكثر.
وجاء في التقرير:
يمكن القول إن العقبة الأساس التي تقف في وجه رئيس تحالف "أزرق أبيض" بيني غانتس لتشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة هو التماسك الشديد بين الليكود وحلفائه من اليمين الاستيطاني، بما فيهم كتلتا اليهود الحريديم، وعدم قدرته على التفاوض مع كل واحدة من الكتل الخمس على انفراد. ومن دون تفكيك هذا التكتل، لن يكون بمقدوره تشكيل حكومة ذات أغلبية ثابتة قادرة على العمل.
لا تزال التصريحات التي أدلى بها رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال أفيف كوخافي في نهاية الأسبوع الماضي، وحذّر فيها من احتمال اندلاع مواجهة عسكرية في الفترة القريبة بسبب التغييرات في منطقة الشرق الأوسط، مما يتطلب من الجيش التجهز للحرب بسرعة، تثير مزيداً من التحليلات.
أفادت آخر الأنباء المتعلقة بمساعي تأليف الحكومة الإسرائيلية الجديدة أن كلاً من المُكلف بتأليفها بيني غانتس، رئيس تحالف "أزرق أبيض"، ورئيس الحكومة الانتقالية بنيامين نتنياهو، متمترسان في موقفيهما بشأن شكل الحكومة المقبلة، في أول لقاء جمعهما للتفاوض مساء الأحد، وكذا الأمر في اجتماع وفدي الكتلتين الأول، الذي سبق لقاء غانتس ونتنياهو.
جاء أسبوع ونيّف من الجريمة المسلّحة، أواخر أيلول – مطلع تشرين الأول الجاري، في البلدات العربية الفلسطينية داخل إسرائيل ليشكّل ما يشبه القشّة التي قصمت ظهر البعير. فعلى امتداد أسابيع سابقة، وشهور وسنين وقعت جريمة القتل تلو الجريمة بالسلاح، سقط قتلى، وأصيب آخرون، ورافق الرعب وانعدام الطمأنينة أهل بلدات وأحياء بأكملها، ولكن من دون أن يحدث ما يجب، وما جاء أخيراً: هبّة شعبيّة عارمة ضد هذه الجرائم المُقترفة بسلاح بات كالسرطان في انتشاره داخل مجتمع الفلسطينيين ممن يحملون المواطنة الإسرائيلية، ووسط ما يكاد يجمع عليه جميع الفلسطينيين وأحزابهم وهيئاتهم ومؤسساتهم: تقاعس بوليسي مشتق من تقاعس حكومي مقصود ومشبوه يتجاهل الدم المسفوك بسلاح الجريمة الجنائية، لأنه دم عرب.
الصفحة 197 من 348