يتضح عمق أزمة جهاز التعليم في إسرائيل هذه الفترة، على نحو متواصل، من خلال كشوفات متتالية عن مكامن خلل، تبدأ بالتمييز ضد الطلاب والمعلمين العرب، ولا تنتهي بها.
فقد بحثت لجنة شؤون الشباب في الكنيست مؤخراً موضوع "تخطيط، تمويل ومستقبل الخطة الخمسية للمجتمع العربي من وجهة نظر الشباب". ووفقاً لرئيسة اللجنة، عضو الكنيست نعماه لزيمي (العمل): "يواجه الشبان والشابات من المجتمع العربي سلسلة من التحديات الفريدة والمميزة في الانتقال إلى الحياة البالغة - الاندماج في التعليم العالي وسوق العمل والاندماج في المجتمع الإسرائيلي ككل". وتابعت قائلة إن "المعطيات تتحدث عن نفسها: فهناك معدلات بطالة مرتفعة، وانخفاض لمعدلات الاندماج في الأوساط الأكاديمية، ونقص في التوجيه المهني المُصمم خصيصاً، وصعوبة مستمرة في الحصول على فرص متكافئة".
تأتي محاولات عزل النائب أيمن عودة، أحد أبرز ممثلي الفلسطينيين في الداخل في الكنيست الإسرائيلي، في لحظة سياسية حرجة وشديدة الخطورة، تتقاطع فيها حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وحرب بوتيرة أقل في الضفة الغربية والقدس، مع تصعيد ممنهج يستهدف الفلسطينيين في الداخل، ففي الوقت الذي تُمارس فيه آلة القتل على أوسع نطاق ضد الفلسطينيين في غزة والضفة، تتحرك إسرائيل لتضييق الخناق وحصار المواطنين الفلسطينيين في الداخل، بما في ذلك تجريدهم من أدواتهم السياسية والبرلمانية.
يدل تراكم سلسلة من المؤشرات والأحداث على أن أكبر كتلتين برلمانيتين إسرائيليتين معارضتين للحكومة، حاليا، قد تهاوتا منذ الآن، ما يعزز التقدير بأن مشهد المعارضة الحالية، في الانتخابات المقبلة، سيتغير بقدر كبير جدا، مع احتمال اختفاء أحد هذه الأحزاب من الكنيست، في حين أن الحزب المتشكل حديثا نسبيا، من حزبي العمل وميرتس، قد يعزز حضوره من جديد، وقد يُحدث مفاجأة بقوته البرلمانية. وكل هذا ينعكس في استطلاعات الرأي العام التي في غالبيتها الساحقة تكرر مشاهد انتخابات السنوات الأخيرة، بأنه لن يكون هناك حسم واضح لأي من الفريقين، لتشكيل حكومة جديدة، رغم إعلان إحدى الكتلتين اللتين تمثلان الجمهور الفلسطيني في الداخل، استعدادها لدعم كل حكومة توافق عليها.
في كل مرة تُعلن فيها إسرائيل عن بدء حرب أو عملية عسكرية، يُرفق بها اسم خاص يستخدم في البيانات الرسمية والتغطيات الإعلامية، والخطابات السياسية. وبرغم أن هذه الأسماء قد تبدو غريبة للوهلة الأولى؛ إلا أنها تحمل في الواقع مضامين دينية، ورمزية، وسياسية.
بعبارة أخرى، فإن اختيار هذه المسميات لا يتم بطريقة عبثية، بل تُصاغ ضمن طواقم مختصة، بما يخدم وظيفة مزدوجة: توجيه رسالة للعدو من جهة، ورسالة للمجتمع الإسرائيلي وتهيئة الرأي العام من جهة أخرى.
صدر هذه الأيام التقرير السنوي لمفوضية شكاوى الجمهور التابعة لمراقب الدولة في إسرائيل، وهو يغطي العام 2024. وتقول مفوّضية شكاوى الجمهور إنها تلقّت 21,592 شكوى. وبلغت نسبة الشّكاوى التي كانت المفوّضية مخوّلة بالبتّ فيها وتبيّن أنّها محقّة أو جرت تسوية موضوعها من دون حاجة إلى اتّخاذ قرار بشأنها من قِبل المفوّضيّة 46%. هذه النسبة أكبر من نسبة الشكاوى التي تبيّن أنّها محقّة أو تمّ تسوية موضوعها في العام 2023 (43%). نسبة 37% من الشكاوى التي قامت المفوّضية بفحصها واتّخاذ قرار بشأنها تبيّن أنّها محقّة. هذه هي أكبر نسبة من الشكاوى المُحقة منذ أكثر من عشرين عاماً.
تحول الاهتمام العالمي بعيداً عن غزة خلال أسبوعين من الحرب الإسرائيلية-الإيرانية؛ وهذا شكل فائدة جانبية من وجهة نظر إسرائيل. لكن بغض النظر أين تتجه أنظار العالم، فإن القتل الإسرائيلي اليومي للفلسطينيين الجائعين في غزة مستمر. والآن، مع وجود تلميحات إلى التوسع المحتمل لـ "اتفاقيات أبراهام"، سيكون من دواعي سرور إسرائيل أن تشتت الانتباه مرة أخرى عن المذبحة التي لا تزال تلحقها بالسكان المدنيين في غزة.
الصفحة 11 من 356