قبل نحو شهر، أبلغت كبيرة الخبراء الاقتصاديين في وزارة المالية الإسرائيلية، شيرا غرينبرغ، المدير العام لوزارة الصحة حيزي ليفي بأن تكلفة القيود المفروضة بسبب انتشار كورونا تصل إلى 1.5 مليار شيكل أسبوعيا، من بينها 900 مليون شيكل بسبب إغلاق المجمعات التجارية. وقالت غرينبرغ في رسالتها إن "الحديث هنا عن التكلفة المباشرة، وقد تكون هناك تكلفة طويلة المدى في ضوء الضرر اللاحق بنشاط المصالح الاقتصادية في مجالات تتأثر بشكل مباشر من القيود، أو المجالات التي تتأثر بصورة غير مباشرة، مثل المستوردين، الزبائن وغيرهم". أما رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، فيكرّر ادعاءاته عن أن "وضع انتشار العدوى لدينا (إسرائيل) أفضل نسبياً من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD".
بمناسبة اليوم العالميّ لحقوق الإنسان، قدمت منظمة "مسلك- غيشاه" تحليلاً جندرياً لنظام التصاريح الإسرائيليّ. وتتلخّص منظومة التصاريح في وثيقة ذات صلاحيّة قانونيّة مُلزمة، يصيغها منسّق شؤون الحكومة الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، وهي بعنوان "وضع التصاريح". ويمكن القول إن المعايير الظاهرة في هذه الوثيقة، كما في عشرات النظم النابعة منها، تُملي الإمكانيّات الضيقة والقليلة التي يُسمح فيها للفلسطينيين، رجالاً ونساءً، بطلب تصاريح التنقّل من السلطات الإسرائيليّة.
وجاء في هذا التحليل الذي حمل عنوان "تهميش متعدد الأوجه"، أن إسرائيل تسعى للحد الأدنى من الحركة بين شطري الأراضي الفلسطينيّة، بهدف عزل غزّة وتعميق القطيعة بينها وبين الضفّة الغربيّة. ويظهر كيف تتجاهل وثيقة "وضع التصاريح"، التي تقلّص مُسبقاً استحقاق السكّان للتصاريح، الاحتياجات الخاصّة للنساء، وكيف تميّز ضدّهن وتعمّق انتهاك حقوقهن.
لطالما احتلّت التهديدات الخارجية، ولا سيما الأمنية- العسكرية منها، المراتب الأولى في قائمة المخاطر والتهديدات التي قد تمسّ بالأمن القومي الإسرائيلي بمعناه الواسع، سواء على صعيد الخطاب الرسمي، أو حتى على صعيد الدراسات والأبحاث والتقديرات التي تصدر بشكل دوري عن المراكز والمعاهد البحثية المُتخصّصة في هذا الشأن. وهذا الأمر ليس غريباً طالما أن الحديث يدور عن إسرائيل كدولة استعمارية أُقيمت في ظروف غير طبيعية على أنقاض الشعب الفلسطيني وخراب حقله السياسي والثقافي والاجتماعي. فقد احتكمت إسرائيل منذ نشأتها إلى المبدأ القائل بأن "إسرائيل تعيش في حالة خطر وجودي دائم"، وهو المبدأ الذي أسّست عليه عقيدتها الأمنية والعسكرية وحدّدت نهجها السياسي والأمني- العسكري وفقاً له، وهو ما انعكس أيضاً على نهجها الداخلي المُتبع في عملية الهندسة الاجتماعية كعملية مُلازمة لمشاريع الاستعمار الاستيطاني المختلفة حول العالم وإدارة الملفات والقضايا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغيرها. وهو أيضاً المبدأ الذي يتم من خلاله تحديد المخاطر والتهديدات الاستراتيجية على المدى المنظور وعلى المدى الاستراتيجي.
مثلما هي الحال على أعتاب كل انتخابات إسرائيلية عامة في العقود الثلاثة الأخيرة على الأقل، كذلك في الانتخابات القريبة تطرح وأحياناً بكل حدّة قضية هوية أحزاب الوسط الإسرائيلية. ومن آخر مظاهر الجدل المحتدم في هذا الشأن ما دار بين المؤرخ المتخصص في تاريخ الصهيونية وإسرائيل يغئال عيلام، وزعيم حزب "يوجد مستقبل" عضو الكنيست يائير لبيد باعتباره حامل لواء وجوب إمساك هذا الوسط دفة القيادة في إسرائيل، بديلاً للحُكم الحاليّ.
وقد رفض لبيد، في سياق مقال نشره في صحيفة "هآرتس" يوم 4 كانون الأول الفائت، ادعاء عيلام بأن حزب الوسط كما يمثل عليه حزبه- "يوجد مستقبل"- أقرب إلى أن يكون "حزباً يسارياً خجولاً ومرعوباً"، وأكد تحديداً أن حزبه كوسط جاء كي يفترق عن قوموية اليمين التي وصفها بأنها متطرفة، وعن ليبرالية اليسار التي زعم بأنها تحوّله إلى ديانة كونية لحقوق الإنسان. ووصل إلى بيت القصيد حين اتهم اليسار بمغادرة الحلبة الصهيونية لمصلحة سياسات تناقض مجرد فكرة الدولة اليهودية الإثنية.
الصفحة 270 من 894