من الصعب رصد جميع ما صدر عن وزراء حكومة إسرائيل، ورئيسهم في مقدمتهم، وأعضاء الكنيست التابعين لأحزابها، والذي يمكن اعتباره ـ في كثير من الحالات ـ خروجاً متعجلاً من الجحور يعكس ويبث حماساً ملتهباً في استقبالهم ما يسمى "عهد الرئيس الأميركي الجديد دزنالد ترامب" وفي التعامل مع ما أطلقه من تصريحات وتعهدات خلال حملته الانتخابية، خصوصا، ثم خلال خطابات النصر بعد فوزه، وصولاً إلى خطاب التنصيب، معتبرين أنه "حان وقت العمل الآن" (كما جاء على لسان "وزيرة الثقافة"، ميري ريغف، من الليكود).
أصبح واضحاً الآن، أن المسؤولين السياسيين في حكومة إسرائيل كانوا ينتظرون بفارغ الصبر انتهاء مراسم تأدية الرئيس الأميركي الجديد، دونالد ترامب، اليمين الدستورية واستلام مهام منصبه رسميا، حتى يعلنوا على الملأ أنهم لا يقيمون أي وزن أو اعتبار للمجتمع الدولي ويتحدّون الشرعية الدولية، جاهِرين بكل ما كانوا مضطرين إلى "مداراته" وكتمانه من قبل عن آرائهم، مواقفهم، طروحاتهم ونواياهم السياسية الحقيقية، إذ يتخذون من ترامب الآن "ظهراً متيناً" يتيح لهم إطلاق ما كتموه، اضطراراً.
إلى جانب "ملف 2000" لا يزال "الفحص" جاريا في قضية الامتيازات والمنافع الشخصية التي حصل عليها نتنياهو من رجال أعمال مختلفين، والتي تبلغ قيمتها المالية مئات آلاف الشواكل، وفق تقديرات الشرطة.
اكتسب الكاتب أ. ب. يهوشوع مكانة رفيعة في إسرائيل، ليس بوصفه كاتبًا من الصفوف الأولى فقط، بل لكونه ما يشبه أحد الزعماء الروحيين لما يسمى "معسكر السلام". وفي الواقع الإسرائيلي، من يدّعي النزوع نحو السلام (في حدود المصلحة الصهيونية) يعيش داخل "معسكر" أيضًا، وليس دعاة الاحتلال والحرب فحسب.
في آخر شهور عام 2016 أثار يهوشوع جدلا واسعًا بعد مجموعة تصريحات أراد لها أن تشكّل تصوّرًا عن "حل الصراع"، أعلن فيها نوعًا من الانفصال عن "حل الدولتين". موقفه هذا لم يدفعه نحو حل آخر أكثر تطورًا وتقدمًا وتقدميّة، حل عادل مشترك للشعبين، مثل دولة واحدة ديمقراطية متساوية مدنيًا وقوميًا، بل دفعه مباشرة إلى أحضان زعماء الاستيطان الإسرائيلي.
الصفحة 567 من 915