وافقت الحكومة الإسرائيلية، بتاريخ 20 كانون الثاني 2022 وبشكل نهائي، على شراء ثلاث غواصات جديدة من ألمانيا على أن تدخل الخدمة خلال السنوات التسع القادمة. من المتوقع أن تستبدل الغواصات الجديدة ثلاث غواصات قديمة سيتم اعتبارها خارجة عن الخدمة في وقت لاحق. وبذلك تحاول إسرائيل أن تحافظ على نفوذها العسكري في عمق البحار عبر أسطول مكون باستمرار من ست غواصات يتم تحديثها تباعا. هذه المقالة تلقي الضوء على أسطول الغواصات الإسرائيلية وتتناول صفقة الشراء الجديدة في ظل انتهاء عهد المستشارة أنجيلا ميركل في ألمانيا وبداية التحول في العلاقات العسكرية ما بين إسرائيل وألمانيا.
مع استمرار تنفيذ البرامج الإسرائيلية الرامية إلى حسم الصراع مع الفلسطينيين بقرارات وتدابير أحادية تقود إلى تدمير حل الدولتين، وتقضي على أي فرصة واقعية لقيام دولة فلسطينية مستقلة، لا تبدي المصادر الرسمية الإسرائيلية أي اهتمام بالمآلات التي يمكن أن تفضي إليها هذه السياسات، وتتجاهل الأسئلة التي يطرحها هذا الواقع المتشكل. لكن التحذيرات تتوالى من مصادر متعددة، وإلى جانب الأصوات الفلسطينية والدولية، فإن الأصوات الإسرائيلية لم تعد تقتصر على منظمات حقوق الإنسان والمجموعات اليسارية، بل تنطلق من مراكز أبحاث ومسؤولين سياسيين وأمنيين سابقين، وتطلق إشارات الخطر بأن إسرائيل ماضية في بناء نظام التمييز العنصري (الأبارتهايد)، والذي يشكل بدوره خطرا على إسرائيل أكثر من خطر حل الدولتين الذي دمّرته الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.
صدرت التقارير الإعلامية الإسرائيلية المتضاربة، بشأن المفاوضات بين طاقم الدفاع عن بنيامين نتنياهو، والنيابة العامة، سعيا للتوصل إلى صفقة ادعاء، مع احتمال خروج نتنياهو من الحلبة السياسية، في وقت بدأت فيه الحكومة تشهد شروخا أولية، ومؤشرات لنقاط تصادم بين أطراف الائتلاف، كانت معروفة سلفا. وبرغم الأحاديث عن فرضية خروج نتنياهو من الحلبة السياسية، واحتمال أن يؤدي هذا إلى تفكيك الائتلاف الحاكم، إلا أنه من السابق لأوانه الحديث عن تفكك حكومة كل أطرافها معنيون باستمرارها، لأن الخيار الآخر لن يكون منه سوى الخسائر على المستويين الحزبي والشخصي.
ما شهدته منطقة النقب هذه الفترة من محاولات الاستيلاء على المزيد من الأرض العربية، من خلال أداة التشجير، أعاد تسليط الضوء على ما يتعرض له الفلسطينيون فيها منذ النكبة في العام 1948 وصولاً إلى يومنا هذا، على خلفية الصراع على الأرض. وقبل نحو عقد من الأعوام دارت معركة في نطاق هذا الصراع حول ما عرف في حينه باسم "مخطط برافر" تكللت بالنجاح ودفن المخطط في أواخر العام 2013، لكن من دون تخلي الدولة عن غاياته. واستهدف المخطط في ذلك الوقت مصادرة مئات آلاف الدونمات من العرب الأصلانيين في تلك المنطقة، والذين بلغ عددهم نحو 200 ألف نسمة، وذلك من خلال حشرهم في أقل من 100 ألف دونم، أي أقل من واحد بالمئة من مساحتها الإجمالية. وصادقت الحكومة الإسرائيلية على هذا المخطط في أيلول 2011، وجرى تعريفه بأنه "مخطط توطين عرب النقب". ونصّ على التهام نحو 500 ألف دونم من أصل 600 ألف دونم يملكها العرب في النقب، وترفض الحكومة تسجيل ملكيتهم عليها. ولم يكن الأمر مرتبطاً بوجود العرب في منطقة النقب فقط، وإنما انطوى أيضاً على انعكاسات خطرة تتعلق بجوهر المعركة على الأرض بين الفلسطينيين في الداخل ودولة إسرائيل. ومعروف أن كل ما بقي من الأراضي الخاصة التي كان يملكها هؤلاء الفلسطينيون في منطقتي الجليل والمثلث لا يزيد عن 650 ألف دونم. ومن هنا رأت لجنة المتابعة العليا لشؤون الجماهير العربية في الداخل أن "مخطط برافر" يعتبر أكبر مخطط كولونيالي يستهدف وجودهم منذ نكبة 1948، وأن معركة النقب تُشكل بالتالي معركة فاصلة على ما تبقى من أراض عربية، بعد أن نالت المؤسسة الإسرائيلية من أراضي الجليل والمثلث والمدن الساحلية على مرّ الأعوام.
الصفحة 214 من 914