تبدأ الحكومة الإسرائيلية الجديدة أسبوعها الأول في مواجهة الكنيست، مع أغلبيتها الهشّة، بمطبات ليست سهلة. سيكون هناك بداية اقتراح لحجب الثقة عن الحكومة، بادرت له كتلة الليكود، وثانيا، التحدي حول قانون حرمان العائلات الفلسطينية من لم الشمل، وهو تمديد سنوي لسريان قانون مؤقت منذ العام 2003، إذ يهدد الليكود وفريقه بمعارضة القانون، ما يعني سقوطه. من ناحية أخرى، فإن كتلتي الحريديم تشنان هجوما غير مسبوق بحدته ومضمونه ضد الحكومة الجديدة، وتجاهلتا كل إشارات أقطاب الحكومة، بشأن استعدادهم للتعاون مع كتلتي الحريديم، مع إبقاء الباب مفتوحا لهما، إذ أعلنت الكتلتان مقاطعتهما للحكومة ومستشاريها.
شنت الوزيرة والقيادية السابقة في حزب الليكود ليمور ليفنات هجوما لاذعا على رفيقها ورئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو، عبر سلسلة مقالات كتبتها في "يديعوت أحرونوت" ومقابلات صحافية لعدد من وسائل الإعلام. دحضت ليفنات اتهامات نتنياهو للحكومة الجديدة بأنها حكومة يسار، فأظهرت أن أكثر من 70 في المئة من أعضاء حكومة نفتالي بينيت الجديدة محسوبون على كتل اليمين والوسط. وبّخت ليفنات رئيسها السابق على العنف اللفظي الذي استخدمه وأجاز لأعضاء كتلته باستخدامه خلال جلسة الثقة، ولم تظهر الوزيرة التي كانت محسوبة فيما مضى على صقور الليكود أي أسف على خسارة حزبها للسلطة، بل على العكس قالت إن ما جرى أمر طبيعي ومطلوب بعد أن قام نتنياهو بتدمير الحزب.
أشار رئيس الحكومة الإسرائيلية الجديدة نفتالي بينيت، في سياق خطابه أمام الكنيست خلال جلسة الحصول على الثقة لحكومته، إلى العلاقات الإسرائيلية- الأميركية وأهميتها، وقال إن حكومته ستبذل جهدها لترميم علاقاتها الخارجية، ولتعميق وتطوير العلاقات مع أصدقاء إسرائيل في الحزبين (الديمقراطي والجمهوري)، وإن حدثت خلافات فسيتم التعامل معها من منطلق الثقة والاحترام المتبادل. ووجه بينيت الشكر للرئيس الأميركي جو بايدن لوقوفه إلى جانب إسرائيل خلال حربها على قطاع غزة الشهر الماضي، ولدعمه إسرائيل لسنوات طويلة.
كشفت هبّة القدس الأخيرة- التي امتدّت على طول فلسطين - النقاب، ولو إعلامياً، عن الصلة الوثيقة بين الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية المُمتدّة على جانبي الخط الأخضر، والتي تُدار بشكل مُمنهج ومُتكامل من قِبل الحكومة الإسرائيلية تارة، ومن قِبَل الجمعيات الاستيطانية تارةً أخرى، كاستمرار للمشروع الاستعماري الإحلالي الصهيوني الذي لم يُفرّق يوماً بين أي منطقة وأخرى في فلسطين ولم يزل، وذلك على الرغم من أن وصف "النشاط الاستيطاني" أصبح يُستخدم للدلالة على النشاط الاستيطاني الاستعماري في مناطق الضفة الغربية المحتلّة، بما فيها مدينة القدس في القاموس الدولي.
استمراراً للمقال السابق بعنوان "معطيات رسمية: جرائم القتل بالسلاح في المجتمع العربي بين 2013 - 2019، ثلاثة أضعاف نظيرتَها في المجتمع اليهودي"، والذي تناول تقريراً نشره مراقب الدولة في إسرائيل، مؤخراً، تحت عنوان "تعامل شرطة إسرائيل مع حيازة الأسلحة غير القانونيّة وحوادث إطلاق النار في بلدات المجتمع العربيّ والبلدات المختلطة"، فيما يلي إجمالٌ لما تم اتخاذه من قرارات حكومية وما تم وضعه من خطط مختلفة عنوانها مكافحة الجريمة والسلاح في المجتمع العربي، والتقييم الذي يضعه المراقب، وهو يقوم بربط لبعض الخيوط التي تقود إلى بعض مكامن الخلل بل التقاعس، التي يكشفها ويحدّدها، في عمل السلطات.
انطلقت مساء أمس الأحد حكومة بينيت- لبيد التناوبيّة برئاسة نفتالي بينيت، رئيس حزب "يمينا" (من الصهيونية الدينية)، بعد أن حظيت بثقة 60 عضو كنيست ومعارضة 59 عضواً وامتناع عضو واحد عن التصويت. وتستند هذه الحكومة إلى ائتلاف مكوّن من ثمانية أحزاب بما في ذلك حزب عربي (القائمة العربية الموحدة التي تمثل الحركة الإسلامية- الجناح الجنوبي).
وحرص بينيت في أول خطاب له كرئيس للحكومة ألقاه أمام الكنيست، على أن يظهر بالمظهر الذي سبق أن أكده مراراً وتكراراً وهو أنه أكثر يمينية من رئيس الحكومة المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو بدرجات. ومعروف أن بدايات بينيت كانت مع حزب الليكود الذي انضم إليه العام 2006، وشغل العام 2007 منصب رئيس حملة نتنياهو لانتخابات الليكود الداخلية. وعارض بينيت تجميد الاستيطان في الأراضي المحتلة منذ 1967، وفي العام 2010 شغل منصب المدير العام لـ "مجلس مستوطنات يهودا والسامرة" (الضفة الغربية). وفي العام 2012 انتخب رئيساً لـ"البيت اليهودي"، حزب الصهيونية الدينية. وخلال الأزمة السياسية الإسرائيلية الأخيرة المستمرة منذ أكثر من عامين، استقال وزميلته أييلت شاكيد من حزب "البيت اليهودي"، وأقاما حزب "اليمين الجديد"، ثم حزب "يمينا" الحالي. واعتبر تأسيس حزب جديد قبل أي شيء بمثابة اعتراف من جانبهما بوجود سقف زجاجي انتخابي قطاعي لحزبهما السابق. ووفقاً لما كتبه كذلك بعض المحللين الإسرائيليين، أدرك كلاهما عدم وجود عدد كاف من الإسرائيليين المعنيين بشراء السلعة الأيديولوجية للصهيونية الدينية المكونة من التطرّف السياسي، والمسيانية، والعنصرية، وكراهية المثليين. ولكن ذلك لا يدلّ على أنهما أصبحا معتدلين سياسياً، أو أنهما غادرا خانة اليمين المتطرّف.
الصفحة 173 من 611