المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

سجلت مناورات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في الأيام الأخيرة، ذروة جديدة، بهدف الحفاظ على حكومته ذات الائتلاف الهش، لأطول فترة ممكنة، على ضوء الهزات التي بدأت تضرب بالائتلاف في مواجهته للهيئة العامة للكنيست، كما برز الأمر في سعيه للحصول على قرار من الكنيست يسحب بموجبه صلاحيات المسؤول عن قيود الاحتكارات في وزارة المالية، فيما يتعلق بحقول الغاز، لايداعها بيد نتنياهو وحكومته. وجديد نتنياهو الآن سعيه لتغيير قانون إعداد واقرار الموازنة السنوية العامة، بشكل يضمن له اقرار ميزانية لثلاث سنوات، رغم موقف المستوى المهني الكبير في وزارة المالية، الرافض للعودة إلى نهج ميزانية العامين، والابقاء على الميزانية السنوية.

وكان نتنياهو قد اضطر لسحب مشروع قرار قدمته حكومته، يقضي بسحب صلاحيات المسؤول عن قيود الاحتكارات في وزارة المالية، بما يتعلق بحقول الغاز، لايداعها بيد نتنياهو وحكومته، من أجل الغاء قرارات المسؤول ذاته، التي طالبت أكبر شركتين في حقول الغاز، الإسرائيلية "ديلك كيدوحيم" والأميركية "نوبل إنرجي"، ببيع قسط من أسهمهما في حقلين كبيرين، بعد أن تجاوز حجم احتكارهما القيود القانونية. وسعى نتنياهو على مدى الأشهر الأخيرة إلى ابطال هذه القرارات، ما قاد إلى استقالة المسؤول من منصبه، وهو الآن يسعى إلى تجاوز الجهاز المسؤول في وزارة المالية، لمنع فرض قيود على الأسعار وغيرها. إلا أن نتنياهو اضطر لسحب مشروعه في الدقيقة التسعين، بعد أن أيقن بعدم وجود أغلبية، إذ أن عددا من نواب ووزراء الائتلاف يعترضون عليه، وقد يجدد نتنياهو المحاولة هذا الأسبوع.

وعلى الرغم من هشاشة ائتلافه، يسعى نتنياهو إلى تعديل قانون اقرار الموازنة العامة، ليتسنى له اقرار ميزانية ثلاث سنوات، بما فيه الحالية، التي ستقر ميزانيتها مع نهاية هذا العام. وكانت حكومة نتنياهو السابقة قد الغت في مطلع العام 2014، القانون الذي أقره الكنيست في العام 2009، ويسمح بإقرار ميزانية لعامين، لتعود إسرائيل إلى نهج الميزانية السنوية الواحدة، بناء على اتفاق مع حزب "يوجد مستقبل" الذي كان الشريك الأكبر في حكومة نتنياهو السابقة.

ومع بدء دورة الكنيست الحالية بعد انتخابات آذار الماضي، بادرت الحكومة الجديدة إلى تعديل جديد للقانون، يعيد نهج اقرار الميزانية لعامين، ومن المفترض أن يقر الكنيست نهائيا هذا التعديل في الأسبوع الجاري، إلا أن نتنياهو ماطل في بحث لجنة المالية البرلمانية، بهدف الضغط على وزير المالية موشيه كحلون، للموافقة على اقرار ميزانية لثلاث سنوات، من 2015 وحتى 2017.

ولا تذكر إسرائيل في العقود الستة ونيّف الماضية وضعية كهذه، تقر فيها موازنة العام مع انتهاء العام ذاته، ما ألزم الوزارات بالعمل على أساس ميزانية جزئية، أساسها ميزانية العام الماضي 2014، يتم اقرارها لكل شهر على حدة، إلى أن يتم اقرار الموازنة كليا، وحينها يتم اعادة جدولة الميزانيات التي صرفت حتى تاريخه، وملاءمتها مع الميزانية الجديدة.

وقالت مصادر في وزارة المالية إن المستوى المهني في الوزارة يعارض بأغلبيته العودة إلى نهج الميزانية المزدوجة، فإن كانت حالة اضطرارية للعامين الجاري والمقبل، فهم سيعارضون استمرار النهج للأعوام المقبلة. إلا أن هذه الجهات لم تفصح عن موقفها من طلب نتنياهو الجديد.

ويقول نتنياهو إنه من الناحية العملية فإن ميزانية هذا العام ستقر مع انتهائه، لذا فلن تكون فاعلية للميزانية المزدوجة، ولذا يريدها نتنياهو أيضا للعامين 2016 و2017، كي لا يكون بعد أقل من عام من الآن، وبعد ثمانية أشهر من اقرار ميزانيتي العامين الحالي والمقبل، أمام دوامة اقرار موازنة جديدة قد تهدد استقرار ائتلاف حكومته الهش. إلا أن نتنياهو يواجه معارضة من رؤساء الأحزاب المشاركة في حكومته، ما قد يضطره للتراجع عن طلبه.

الحكومة ترفع العجز

من جهة أخرى، فقد قالت مصادر حكومية إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اتفق مع وزير المالية موشيه كحلون على رفع العجز في موازنة العام المقبل 2016، إلى نسبة 9ر2%، بدلا من نسبة تتجاوز بقليل 2%، حسب مخططات سابقة، وهو ما يرفضه بنك إسرائيل المركزي، وصندوق النقد الدولي.

ويريد نتنياهو رفع العجز كي يكون بوسع ميزانية العام المقبل استيعاب الصرف الجديد الناجم عن اتفاقيات الائتلاف الحكومي، وبشكل خاص رفع مخصصات الأولاد، التي تتقاضاها العائلة عن كل ولد لديها دون سن 18 عاما، ومن شأن هذا ان يزيد صرف الميزانية ما بين 650 مليون إلى 790 مليون دولار سنويا.

ويقول صندوق النقد الدولي إن العجز المالي أعلى من المسموح به، مقارنة بمعطيات الاقتصاد الإسرائيلي، بينما نتنياهو يقارن العجز بمستويات العجز في أكثر الدول الأوروبية تطورا 3%، دون الأخذ بالحسبان الفوارق الاقتصادية.

ويقول بنك إسرائيل المركزي إن المصاريف التي تخططها الحكومة لميزانية العام المقبل 2016 تزيد بنحو 10 مليارات شيكل، 6ر2 مليار دولار، عن حجم الميزانية المقترح، وسيكون على الحكومة أن ترفع الضرائب في ميزانية العام المقبل 2016، بشكل يضمن لها زيادة مداخيل بقيمة 8 مليارات شيكل، أي حوالي 1ر2 مليار دولار، وحذر البنك من أنه من دون رفع الضرائب، أو تقليص المصروفات، وفي نفس الوقت بقي العجز للعام الجاري في حدود 3%، فإن حجم الدين العام، بالمقارنة مع الناتج العام، سيرتفع إلى نسبة 70% مع حلول العام 2020، بعد أن انخفض في العام الماضي 2014 إلى مستوى 67%، وهي النسبة الأدنى منذ سنوات طوال، إذ تهدف إسرائيل للهبوط إلى نسبة 60%، من الناتج العام، وهي النسبة القائمة في الدول المتطورة، حتى قبل اندلاع الأزمة الاقتصادية في السنوات الأخيرة.

ويدعو بنك إسرائيل مجددا إلى التمسك بنسبة عجز الموازنة التي جرى اقرارها في العام 2013، أي 5ر2%، وليس النسبة التي أقرها مشروع الموازنة الذي أقرته حكومة نتنياهو، وهي 4ر3%، وحسب البنك، فإن على الحكومة أن تستمر بمخطط تخفيض العجز في الموازنة تدريجيا من 5ر2% في العام 2015، إلى 5ر1% في العام 2019، وهذا بات من الممكن اقراره بسبب التأخر في تطبيق موازنة العام الجاري. وحسب البنك فإن الصرف القائم حتى اقرار الموازنة العامة نهائيا، للعام الجاري 2015، الذي يعتمد على ميزانية العام الماضي 2014، من شأنه أن يقلص مصاريف الحكومة المدنية، ما سيسمح له بعدم خرق الميزانية لدى اقرارها، جراء زيادة ميزانية الجيش.

وكان تقرير بنك إسرائيل المركزي، وقبل اطلاق تحذيره بشأن قيود الميزانية المقبلة، قد امتدح الاجراءات التي قامت بها حكومة بنيامين نتنياهو، وأدت إلى لجم العجز في الموازنة العامة، على الرغم من العدوان على قطاع غزة في صيف العام الماضي 2014. وقال البنك إن سيطرة الحكومة على مصاريفها الجارية في العام الماضي، ساهم في امتصاص مصاريف العدوان على غزة، بقيمة 7 مليارات شيكل، ما يعادل حاليا 8ر1 مليار دولار، بما في ذلك تقليص الانعكاسات الاقتصادية للعدوان على خزينة الضرائب وغيرها من القطاعات الاقتصادية.

المصطلحات المستخدمة:

بنيامين نتنياهو, الكنيست

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات