المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

يستند مفهوم "الأمن القومي الإسرائيلي" إلى مبادئ بلورها رئيس الحكومة الإسرائيلية الأول ووزير الدفاع، دافيد بن غوريون، في خمسينيات القرن الماضي، بعد سنوات قليلة من تأسيس هذه الدولة. وجرى لاحقا تعديل هذا المفهوم وملاءمته للأوضاع الأمنية المستجدة. وامتنعت حكومات إسرائيل دائما عن بلورة مفهوم مكتوب ورسمي ومتفق عليه وملزم. لكن في العقدين الأخيرين جرت محاولات لبلورة مفهوم أمن قومي إسرائيلي جديد، كان آخرها تشكيل لجنة خاصة، في العام 2006، برئاسة الوزير دان مريدور، وعملت على بلورة مفهوم كهذا، إلا أنها لم تختتم عملها ولم تضع مفهوما جديدا. وفي السنوات الأخيرة، تجري دراسة مفهوم أمني في مجلس الأمن القومي التابع لمكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية.

ويشغل هذا الموضوع قسما من السياسيين ومعاهد الأبحاث في إسرائيل، وأبرزها في هذا السياق "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، الذي أصدر في شباط الماضي دراسة، شارك في إعدادها عدد كبير من الباحثين في المعهد. ورأت هذه الدراسة، التي سيتم استعراضها في السطور التالية، أنه ينبغي وضع مفهوم أمن قومي إسرائيلي معدّل على ضوء التغيرات الإقليمية والدولية، وكذلك الداخلية، بحيث يستجيب لهذه التغيرات والتحولات، نظرا إلى أن المفهوم القديم الذي وضعه بن غوريون لم يعد يستجيب لجميع "التحديات الماثلة أمام إسرائيل" اليوم.

تغيرات تستوجب تعديل مفهوم الأمن القومي

كانت حرب تشرين/ أكتوبر العام 1973 آخر الحروب التي خاضتها إسرائيل ضد جيوش نظامية عربية، ودارت في جميع الجبهات الإسرائيلية مع مصر والأردن وسورية ولبنان، وكذلك مع دول الدائرتين الثانية والثالثة التي ليس لها حدود مع إسرائيل.

ورأت الدراسة أنه في السنوات التي أعقبت حرب أكتوبر تلك "تغير بشكل كبير المحيط الإستراتيجي الإسرائيلي وتغيرت طبيعة المواجهات العسكرية أيضا. وإلى جانب ذلك، تجري تحولات دراماتيكية في الشرق الأوسط، ومن خلال ذلك يتم كسر النظام الدولتي والقيمي السابق، ولم يعد بالإمكان تقدير متى وكيف ستنتهي هذه التحولات".

واعتبرت الدراسة أن "التغييرات الهائلة تضع صعوبات أمام رسم طريق لحل الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، الأمر الذي يعمق الفجوات بين اليمين واليسار في المجتمع الإسرائيلي، ويصعّب تعريف هدف مشترك لجميع طبقات وأقسام المجتمع الإسرائيلي. ونتيجة لكل ذلك تتزايد الحاجة إلى إعادة التمعن في مفهوم الأمن القومي وتعديله".

ولخصت الدراسة ملامح الوضع الحالي في إسرائيل والمنطقة بما يلي:

أولا: ضعف الدول والنظام الدولتي. ويتمثل ذلك بضعف الحكم المركزي في دول عديدة في الشرق الأوسط في موازاة صعود قوة جهات أخرى، شبه دولتية وفوق دولتية، ما يعكس تآكل احتكار القوة في هذه الدول. وتقول الدراسة إن هذه الجهات الجديدة، وهي بغالبيتها منظمات أنصار أو تنظيمات "إرهابية"، مثل "داعش"، "لا تتحمل مسؤولية دولتية تجاه السكان الذين تنتمي إليهم، وبينهم أقليات، أو التي تسيطر عليهم، وليست ملتزمة بالقواعد والأنماط الدولية، مثل قوانين الحرب. وتتميز هذه الجهات الجديدة بقدرتها على التأقلم بسرعة مع أوضاع جديدة. وهي تنشئ تحالفات فيما بينها بسرعة وتفككها بالسرعة نفسها، وفقا لمصالح يمليها الوضع. كما أنها تندمج عادة داخل بيئتها المدنية بصورة تصعّب على التعرف عليها وعلى مراكزها من أجل القضاء عليها أو تحييدها".

وتوقعت الدراسة استمرار عملية ضعف الدول العربية وتفككها إلى مقاطعات تستند كل واحدة منها إلى عناصر إثنية وقبلية متجانسة، وستمر سنوات كثيرة قبل أن تتبلور كيانات دول جديدة تكون مستقرة وتؤدي وظائفها. "وعلى إسرائيل أن تكون مستعدة لاستمرار غياب النظام الدولتي، الذي يرافقه عنف واسع النطاق في المنطقة سواء بسبب النزاع بين المعسكرات المختلفة، وخاصة بين السنة والشيعة، أو بسبب النزاع داخل المعسكرات، وبالأساس داخل المعسكر السني. ونتيجة لذلك يتعين على إسرائيل الاستعداد لمواجهة تمتد لسنوات طويلة مع جهات كثيرة ولكل واحدة منطق مختلف، من دون ’عنوان’ واضح ومسؤول بالإمكان مطالبته بالانصياع لقواعد اللعبة المتعارف عليها وويكون بالإمكان جباية أثمان منها في حال خرق هذه القواعد".

ثانيا: فقدان مركزية الجيوش النظامية، وخاصة القوات البرية، في الدول التي لديها حدود مع إسرائيل، في موازاة صعود قوة المنظمات المسلحة وسهولة الحصول على أسلحة متطورة، مثل طائرات من دون طيار وصواريخ تسمح بتوجيه هجمات بدقة عالية. وقالت الدراسة إن هذه الحال "تجعل الجبهة الداخلية الإسرائيلية معرضة لتهديد متواصل من جانب جهات يصعب ردعها".

ثالثا: أزمة موارد إقليمية، وبين أسبابها انخفاض أسعار النفط وارتفاع الحرارة التي تسبب المحل، إلى جانب الأزمة الاقتصادية المتواصلة، في مقابل التزايد السكاني في موازاة تراجع كميات الغذاء وتقلص إمكانيات التشغيل والعيش بكرامة. واعتبرت الدراسة أن هذه الأزمة أحد أسباب الهجرة الكبرى من الشرق الأوسط إلى أوروبا، إضافة إلى الرغبة بالهروب من مناطق الحروب.

رابعا: تحدي السايبر، أي الحرب في الفضاء الالكتروني، الذي تزايدت أهميته في السنوات العشر الأخيرة، حيث باتت معظم المنظومات العسكرية والمدنية تستند إلى الحوسبة، ولذلك فإنها معرضة لهجمات سايبر، وبالتالي تطور دفاعات السايبر.
خامسا: تطور القدرات الاستخباراتية وتحسن القدرات الهجومية للجيش الإسرائيلية، الأمر الذي أدى إلى "تغييرات كبيرة في المفهوم العسكري والتركيز على التدمير بدقة وبشكل واسع النطاق لقوات العدو وكنوزه. وعمليا، يعكس ذلك مبدأ نقل الحرب إلى أراضي العدو لكن من دون التعلق باجتياح بري عميق في عمق أراضيه".

سادسا: تزايد أهمية "القدرات الناعمة". وأشارت الدراسة إلى أن أحد الأمثلة على ذلك هو "المجهود الفلسطيني من أجل تحويل إسرائيل إلى دولة غير شرعية" بواسطة حملات سياسية وقضائية واقتصادية وأكاديمية وثقافية. "وبإمكان هذه المعركة إلحاق ضرر خطير وطويل الأمد بأمن إسرائيل واستقرارها وازدهارها. كما أن بإمكانها المساس بالمجتمعات اليهودية في أنحاء العالم".

"الربيع العربي"

تطرقت الدراسة إلى الوضع في الشرق الأوسط عموما في أعقاب "الربيع العربي" الذي بدأ بالثورة التونسية، مطلع العام 2011. وأشارت إلى أن تنظيمات إسلامية "ركبت" على هذه الموجة ووجهتها في اتجاه يخدم مبادئها، خاصة وأن هذه التنظيمات في العالم العربي أكثر تنظيما من غيرها. "ولذلك فإن النتيجة النهائية للزلزال (الإقليمي) لم تكن إقامة أنظمة أكثر ديمقراطية وإنما التدهور إلى حروب أهلية وفقدان قدرة الأنظمة على الحكم". ووصفت الدراسة التحالف ضد "داعش" بأنه "واهن". وأشارت إلى "اتساع المناطق التي تفتقر لسيطرة فعلية في أنحاء الشرق الأوسط" وبينها سيناء وقطاع غزة وهضبة الجولان في سورية ولبنان، وقالت إن بإمكان المنظمات المسلحة في هذه المناطق تشويش مجرى الحياة الطبيعي في إسرائيل، وخاصة في البلدات المحاذية للحدود.

ولفتت الدراسة إلى تصاعد النشاط العسكري الإسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة. وقالت إنه أثناء الانتفاضة الثانية "تبلور مفهوم قتالي إسرائيلي رأى ضرورة تفكيك القاعدة الإرهابية والقضاء عليها بواسطة هجوم متواصل ليس بمستوى حرب". وأشارت إلى الانقسام الفلسطيني، معتبرة أن كلا القيادتين الفلسطينيتين، في حركتي فتح وحماس، "تعانيان من انعدام شرعية في أعقاب شعور الجمهور الفلسطيني بأنهما لا تقودانه نحو استقلال سياسي وازدهار اقتصادي".

ورأت الدراسة بإيران أنها دولة عتبة نووية، وأن الاتفاق النووي الذي وقعت عليه مع الدول الكبرى الست لم يغير هذا الواقع. وأضافت أن لإيران مراكز تأثير في سورية والعراق واليمن ولبنان.

من الجهة الأخرى، فإن إسرائيل حافظت على اتفاقيتي السلام اللتين أبرمتهما مع مصر والأردن. وكانت إسرائيل تنظر إلى جبهتها الشرقية، قبل اتفاقية السلام مع الأردن، على أنها تشكل تهديدا مركزيا عليها، وخاصة من جهة العراق، "وتضاءل التهديد من الشرق في أعقاب اتفاقية السلام مع الأردن وتفكك سورية والعراق. بل إن الزلزال في العالم العربي عزز الحلف العسكري الإستراتيجي بين الأردن وإسرائيل والذي يستند إلى قاعدة أنه في أوقات المصاعب ستقف إسرائيل إلى جانب المملكة الهاشمية".

الوضع الداخلي الإسرائيلي

يواجه الإسرائيليون عدة قضايا هامة، رأت الدراسة أنه ينبغي أن تؤخذ بالحسبان لدى تعديل مفهوم الأمن القومي.

ومن أبرز هذه القضايا، أن الجبهة الداخلية الإسرائيلية تحولت إلى "جبهة مواجهة مركزية ليست أقل من الجبهات الحدودية، بل ربما أكثر". وينبع ذلك من تعرض الجبهة الداخلية لهجمات صاروخية مكثفة أثناء الحروب التي شنتها إسرائيل ضد حزب الله في لبنان والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، إضافة إلى العمليات التفجيرية، ومؤخرا عمليات طعن ودهس، وأحيانا إطلاق نار، التي ينفذها فلسطينيون من الضفة الغربية. يضاف إلى ذلك إطلاق تنظيمات جهادية مسلحة صواريخ من سيناء باتجاه جنوب إسرائيل.


وتتزايد المخاوف في إسرائيل من قدرة منظمات، خاصة حزب الله، على ضرب بنى تحتية ومواقع حساسة في إسرائيل وكذلك منصات استخراج الغاز في البحر المتوسط، في أعقاب تقديرات تحدثت عن تطوير القدرات الصاروخية لهذه المنظمات وتحسين دقتها.

وتطرقت الدراسة إلى "تغيرات اجتماعية وديموغرافية جارية في إسرائيل وتغيّر وجه الساحة الداخلية"، بينها الفجوات الاقتصادية الآخذة بالاتساع، واتساع دائرة الفقر، والفجوات العقائدية التي تزداد عمقا بين اليمين واليسار. وهذه الفجوات "تؤدي إلى تآكل الشعور بوحدة المصير والهدف المشترك، الأمر الذي يمس بالتضامن الاجتماعي".

وأوضحت الدراسة أن "الخلافات بين اليمين واليسار تتعلق بالأساس بالسياسة التي ينبغي إتباعها تجاه الفلسطينيين وبالنسبة لمستقبل مناطق يهودا والسامرة (أي الضفة الغربية). وهذه الخلافات تمنع أية إمكانية لتحديد غايات قومية يجمع عليها معظم السكان في إسرائيل".

ولفتت الدراسة إلى تغيّر اجتماعي آخر حاصل في إسرائيل، وهو تركيز معظم مواطنيها على قضايا داخلية، مثل الرفاه والسكن والصحة والتعليم والبنية التحتية والمواصلات، وليس على قضايا أمنية. ورأت الدراسة أن هذا التغيير هو أحد أسباب الضغط الشعبي المتزايد المطالب بخفض ميزانية الأمن وتقليص حجم قوات الجيش. ولم تتطرق الدراسة أبدا إلى الاستيطان والأموال الطائلة التي تضخها إسرائيل في المشروع الاستيطاني وتوسيعها بشكل هائل.

واعتبرت الدراسة ظاهرة الشبكات الاجتماعية بأنها تؤثر على الخطاب الديمقراطي من جهة، ولكنها من جهة أخرى تؤدي إلى صعود قادة شعبويين لا يتحدثون باسم الجمهور وإنما يتحدثون إلى الشعب، ويؤثرون على الأجواء السائدة في الشبكات الاجتماعية ويتطلعون إلى تحقيق مكاسب سياسية وإنشاء رأي عام مؤيد "من خلال المس بالقيم القتالية الأساسية للجيش الإسرائيلي" مثلما تجلى ذلك في قضية الجندي القاتل، إليئور أزاريا، الذي أعدم الشاب الفلسطيني عبد الفتاح الشريف في مدينة الخليل وهو مشلول الحركة.

"اعتراف إقليمي بإسرائيل"

أشارت الدراسة إلى أن الرأي المركزي الذي ترسخ في إسرائيل في السنوات الأخيرة هو أنه تضاءلت قدرتها على التأثير على التحولات والتوجهات الحاصلة في محيطها بسبب التغيرات الهائلة التي حدثت في الشرق الأوسط. "ولذلك، بحسب الرأي السائد، من الصعب جدا دفع تسويات سياسية ليست واضحة صلاحيتها واستمراريتها، وينبغي التركيز على الحفاظ على ما هو موجود والدفاع عن البيت أمام تهديدات داهمة وتأثيرات إقليمية سلبية وانتظار اتضاح نتائج وتبعات التغيرات الإقليمية".

ورأت الدراسة أن "هذه إستراتيجية محافظة" وأنه ينبغي إعادة دراستها. وأضافت أنه في أعقاب حرب أكتوبر 1973، "بدأت عملية تدريجية كانت نتائجها اعتراف إقليمي واسع بوجود دولة إسرائيل، إن كان ذلك بصورة رسمية من خلال اتفاقيات مع مصر والأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية، أو بصورة فعلية من خلال علاقات غير رسمية مع دول عربية عديدة. كذلك يوجد بيدي إسرائيل تعهد بأن تتحول العلاقات غير الرسمية إلى رسمية مع العديد من الدول العربية، إذا ما تبنت مبادرة السلام العربية وطرأ تقدم حقيقي في العملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين". كذلك أكدت الدراسة أن "التهديد الإيراني ليس داهما" طالما أن إيران لا تطور سلاحا نوويا.

وقالت الدراسة إن الزلزال في المنطقة سيستمر لسنوات طويلة، وانعكاساته هي انعدام الاستقرار وتصاعد الإرهاب الجهادي وتآكل قواعد اللعبة وغياب اللاعبين المسؤولين. "وعلى الرغم من أن الزلزال الإقليمي أبعد الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني عن مركز الحلبة، إلا أنه بقي التحدي المركزي لإسرائيل وسيتأثر من توجهات إقليمية".

وأضافت الدراسة أن "الإجماع في المجتمع الإسرائيلي إزاء قيمها المطلوبة وغاياتها السياسية آخذ بالتآكل، ويتزايد عمق الشروخ والتوترات بين مجموعات سكانية مختلفة، أبرزها الشرخ بين اليهود والعرب في إسرائيل، وبين أسباب ذلك أن الجمهور اليهودي ينسب للجمهور العربي انعدام ولاء للدولة، بينما يتطلع الجمهور العربي إلى تغيير طبيعة الدولة من ’يهودية’ إلى ’دولة جميع مواطنيها’. وهناك أسباب أخرى تتعلق بالفجوة الاجتماعية – الاقتصادية بين اليهود والعرب وحقيقة أن البلدات العربية بقيت في الخلف في كل ما يتعلق بالتطوير والاستثمار".

في المقابل، دعت الدراسة إلى عدم التنازل عن مركبات أساسية في مفهوم الأمن القومي الإسرائيلي القديم، وهي الردع، قدرات الإنذار الاستخباراتي، حسم الحروب والدفاع. وهذا الأخير فرضته قدرات منظمات غير دولية على شن هجمات، صاروخية بالأساس، على الجبهة الداخلية الإسرائيلية.

توصيات الدراسة

قالت الدراسة، في باب التوصيات، إن "التحديات التي تواجهها إسرائيل"، حاليا، "تستوجب إجراء توازن بين ممارسة الجهود العسكرية والجهود الناعمة... ومن أجل زيادة تأثيرها في الحيز الإقليمي وفي المنظومة الدولية ينبغي خفض التهديدات وبناء وتعزيز الفرص لخدمة عمليات سياسية. وميل إسرائيل إلى تفضيل الوسائل العسكرية لا يوفر ردا كاملا أمام التحديات الماثلة أمامها". وأضافت أن "الهدف السياسي هو ترسيخ مكانة إسرائيل الإستراتيجية في الشرق الأوسط، كونها دولة عظمى عسكريا وتكنولوجيا، وزيادة أفضلياتها النسبية من أجل أن تتمكن من استخدام خيارات عمل متنوعة مقابل التحديات المستقبلية".

وأضافت أن التوجه المتعدد المجالات يستند إلى استخدام أدوات عديدة في الوقت نفسه، بينها أدوات سياسية ودبلوماسية وإعلام إستراتيجي وميديا جديدة وحرب المعلومات والسايبر والاقتصاد والقانون. واستخدام هذا التوجه سيسهم في توسيع حيز النشاط الإسرائيلي "والتأثير على تبلور البنى السياسية الجديدة" في دول المنطقة. لكن الدراسة حذرت من إقدام إسرائيل على دفع "تطورات اصطناعية" تتعارض مع التحولات المركزية في المنطقة.

ودعت الدراسة إلى الحفاظ على الليونة الفكرية وتطوير صناع القرار لقدراتهم على استيعاب الأحداث كي لا يضخموا المخاطر والتهديدات بصورة تحبط أية إمكانية لمبادرة سياسية أو مدنية.

وأوصت الدراسة بما يلي:
أولا: "التوجه مباشرة إلى السكان في الجانب الآخر من الحدود، بوسائل دبلوماسية عامة أو بواسطة منح مساعدات إنسانية وتمكين المجتمعات المحلية من ممارسة نشاط اقتصادي".

ثانيا: "ممارسة وسائل لينة إيجابية، مثل رافعات اقتصادية، تسويات في مجال المياه والطاقة، مساعدات أمنية وتكنولوجية ومبادرات في السوق الخاصة والعامة "بين الخصوم". وإلى جانبها بالإمكان ممارسة وسائل ناعمة سلبية، مثل حرب المعلومات وحرب السايبر وحرب قضائية واستخدام أدوات تآمر سياسي وعسكري".

ثالثا: "تعاون متعدد الأبعاد مع جهات لديها مصالح تتقاطع مع مصالح إسرائيل". و"يبرز اليوم- برأي الدراسة- التقاء المصالح والتعاون بين إسرائيل وبين الأردن ومصر وحتى بين إسرائيل وأجهزة أمن السلطة الفلسطينية. كذلك كُتب الكثير عن تلاقي المصالح الحاصل بين إسرائيل ودول الخليج، وفي مقدمتها السعودية... وينبغي استغلال تلاقي المصالح هذا من أجل توسيع التعاون مع دول عربية براغماتية في مجالات غير أمنية أيضا".

رابعا: "استغلال حرب السايبر والميديا الجديدة من أجل منع التحريض وتشويه صورة إسرائيل، ومن أجل بناء رافعات تأثير على الرأي العام في العالمين العربي والإسلامي".

خامسا: "استغلال صندوق الأدوات القانوني والدبلوماسي والتعليمي والاقتصادي من أجل منع عزل إسرائيل وإدانتها في الحلبة الدولية، ومن أجل إحباط المساس بشرعيتها ومحاولة فرض قيود وعقوبات عليها، خاصة عندما تطالب بممارسة القوة من أجل الدفاع عن النفس".

سادسا: "دفع مبادرات تربوية قيمية مثل التربية على السلام والتعايش، والتربية التكنولوجية أيضا، من أجل تقدم الشبان في العالم العربي وتوجيههم إلى أنشطة إيجابية. والمطلوب إلى جانب ذلك بذل جهد من أجل عقد لقاءات في منظمات مجتمع مدني وأفراد، من أجل خفض التوترات وإنشاء لغة مشتركة وتفاهمات متبادلة".

المصطلحات المستخدمة:

رئيس الحكومة, مجلس الأمن القومي

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات